الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

لافتة.

على بوابة سنة جديدة.
لاتجعل قلبك أكبر ممايجب، لاتجعل صدرك ضيّقاً حرجاً كأنما يصّعد في السماء.
كن الطرف الشحيح في أي علاقة.
لاتقع في الحب.
أعد علاقاتك مع دائرتك الضيّقة. بعضهم يستحق أكثر وبعضهم يستوجب الطرد.
لبعضهم .. أتمنى ألاتكون موجوداً في سنتي الجديدة.
لبعضهم تستحق أكثر لكن روحي خاوية.
لاتبدأ مجدداً من الصفر.
خذ وقتك في الإختيار حتى لو أكل سنة من عمرك.
حياتك ضيّقة عليك، فلاتحشر معك أحد فيها.
إقرأ كلما شعرت بالحزن، إقرأ كلما شعرت بالوحدة، إقرأ كلما شعرت بالرغبة في القراءة.
لاتهدر دموعك، فلتبكِ قليلاً ولتضحك كثيراً وإن لم تستطع فاختر الصمت والسكينة.
لا أحد يستحق تهدر نفسك من أجله.
أصدقاء اللغة الصفرية مجرد أصفار فلاتحملهم معك أينما ذهبت.
لاتفش الكثير من أسرارك.
لاتترك قلبك مفتوحاً .. لاتترك جراحك عارية .. لاتترك روحك معلقة.
لاتستسلم او فلتستسلم حسب الرغبة.

السبت، 5 ديسمبر 2015

من كفي تنبت الرياحين.

تخبرني كيف أن يدي عقيم.
وأنها مسؤولة عن كل خراب حولي، يدك عقيم.
ستمسك بالشبابيك فتترنح، ستمسك بالستائر فتتوقف عن الحركة، ستمسك بالأسرة فتهوي، ستمسك بالأساور فتقطع، بالأجهزة الكهربائية فتُبلى، بشعري فيتساقط.

احتضنت يدي مطولاً طور الإستسلام للفكرة، الإستسلام الهشّ للعتمة، في تقبل لكل مايمكن أن تصنعه الكلمة.
لكنني تذكرت أنني كاتبة منذ النشء، كاتبة قبل أن أعرف الحرف، أن الكثير من الشخصيات نتاج يدي، الكثير من التفاصيل خلقته يدي، الكثير من الضحك، البكاء، النضال، البؤس، الاستسلام، الحب والحب والحب، الشخصيات المتحدثة " نوف ونورة وجولي وجولين وجاك وخالد وعبدالله وأحمد والقلم والورقة والآلة الطابعة والكلب والعصافير والشجرة المسجونة في الحديقة".

غير أنها أكفي، أكف رعت جدتي جيداً، حتى لازالت تحلم بها تغطيها من البرد، تطعمها، تسقيها، تسرّح شعرها، تغيّر ملابسها، تهتم بنظافتها.

أكف صنعت منزلاً كاملاً في منتهى الأناقة والترتيب، منزلاً مكتمل التفاصيل، مكتمل الأنوثة جداً، جاهزاً لأي مناسبة ستزوره فجأة، منزلاً مكتملاً في وجه أي لحظة سعيدة كانت أم حزينة.

هذه الأكف العقيم، حضنت أبي جيداً، حضنته للغاية، لذلك لاتزال دافئة رغم الوجد والحزن والبرد، كانت تقضي لياليها الطويلة تغطيه، تدور على مناطق الوجع تفككه، تمسح على ظهره وتحتضنه.

أكفي ليست عقيم ..

الجمعة، 9 أكتوبر 2015

أيقونة خشبية.

في بداية سنواتي الجامعية .. كان فيه ركن خاص يتجمعون فيه الجميلات أو الإستعراضيات.
غالباً تنوّع وماركات وفل ميك أب وكل جديد في الموضة.
سنة واحدة على "درج العمادة" تحيلك لأيقونة الأناقة والفخامة في الجامعة، لدرجة مرة قلت أن هذه البنت لابسه تي شيرت أبيض سادة فقط .. لكنكم تعتقدون أنها كاشخة لأن فكرتها عن الكشخة ثبتت في أذهانكم.

تذكرت هذا الكلام وأنا أوقات أقرأ لكتّاب كبار ومؤلفات جديدة وصار عليها زحمة وتطلع مجرد كلام ولو دققت في سيرة الكاتب كان وجدت الفكرة منزوعة من كم كتاب سابق له .. لكنه صنع لنفسه أيقونة لدرجة تجعل أي تفاهة ممكن يقدمها حتجد من يقتبس منها ويصاب بالذهول.

بعض كتّاب تويتر وأصدقاء خاصين كانوا .. كانوا يتعنّون للظهور المثالي وبصورة الكاتب الحزين البائس المعتل. لدرجة كنت أكتب بعض التعليقات وتستمر الردود بيننا طوال اليوم وأرجع للبحث عنها أجد أنهم منحوا وقتهم الثمين لتنظيف المنشن وإعادة هيكلة المظهر المثالي.
المشكلة أنك بعدها تجد لهم أكثر من كتاب وبعشرات الطبعات ليس ولأن المحتوى يستحق ولكن لأن الشخصية المزيّفة خلف الكتابة كانت مثيرة للبحث والتمحيص.

لدي ملف كامل بأسماء هذا النوع المظاهري في الكتابة.

مثلهم مثل شريحة كبيرة صارت تعتقد من ميزات المثقف المثابر القهوة السوداء والنفس الشينة والردود المقتضبة. بينما ممكن تصير مثقف وأنت تشرب ايس تي ولا شاي أخضر.

تظل المشكلة هنا في اتباعية الجماهير.

ومثل ماكتبت سابقاً " أصبحنا نشاهد طقوس الرسم لفنان ما أكثر من مشاهدة أعماله، كذلك نقرأ عن طقوس كاتب ما أكثر من نصوصه". 

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

الإستغراق فتنة عميقة.

الإستغراق ما أحتاجه.
بما أني حالياً غاضبة بصمت مطبق، وأدرك أن هذا الصمت ينخر في روحي، ينهش عقلي، فالإستغراق كل ما أحتاجه هذه الظهيرة.
أن أستغرق في كتابة نص طويل كلما شارفت على نهايته بدت لي بداية أخرى، أو قصيدة رغم كوني لا أعرف في الأوزان ولا البحور غير بحر لجيّ وحيد يحمل روحي، فأكتب معلقة حتى لو علقتها في دولاب ملابسي، أو قماش ممتد منساب للتطريز، أفكر في تفاصيل الفتاة التي سترتديه بشغف وأكمل تطريزه، أو تباً لو كنت أعرف للرسم رغم معرفتي الكاملة بالألوان واللوحات ولاتنقصني الفكرة، مثل رسم شاطئ كلما وصلت ساحله ينهار فجأة، حتى يتخطفني محيط، غير الإستغراق المرهق في تنظيف المنزل ونفض الشبابيك وغسل الستائر ومسح الرخام وترتيب الملابس وكي المتبقي منها وإعادة كيّه إن لزم الغضب. حتى يستسلم هذا العنفوان الداخلي العاصف، حتى يتسنى لي الانسياب إلى فراشي في سكينة، حتى ألتحف حلم فضفاض ودافئ عن غد مشرق انتهت فيه كل واجباتي، انتهيت فيه من كل الأعذار المتراكمة، وأبقى وجهاً لوجه مع الكتابة فقط، أنا وهي، دون مخارج للهرب.

اسم حاف وضيّق.

ماذا لو غيرت اسمي، هل سأصبح أكثر حظاً من قبل، ماذا لو اخترت اسماً من حرف واحد، نون أو همزة، هل سيصبح من السهل على الحظ السعيد أن يناديني وعلى السعادة أن تتذكرني.

لحظة جديدة للغاية.

اكنسوا هذا الصباح عني جيداً.
اكنسوا من قوائمي الإنتظار مجدداً.
اغسلوا أكوابي من المرارة.
امسحوا عن أوراقي الكتابة.
لنسمم الملل إن أمكن.
لنزرع للحزن مصيدة.
لنفتح نوافذنا في السقف، ربما ارتاحت عليها سحابة.
لنرمم ذكرياتنا، لربما أزهرت.
لنغني ..
لنرقص..
لنطرد الكآبة.
لنعيد تأثيث الأيام.

ضجيج معتّق.

هذا الضجيج في رأسي، هذا الصداع يحدّق بي.
هذا الملل يحاصرني، هذه اللعنات تطاردني.

وكأنهم لم ينتهوا يوماً ما من حياتي، كلهم محشورين في رأسي، عم حسين البقّال، رمضان الفوّال، جمعه المحاسب، أبله نور بن سلم، إذاعة الصف رابع، كل أول يوم دراسي، كل مريول مدرسي، كل حصة رسم، كل مخالفة لنسياني الشريطة، غرفة المفاجآت، صديقتي نوره، سحر صديقة نوره، وشايات سحر، نميمة سحر، صديقة جديدة، قصة شعري الجديدة، قسم الرياضيات، معدلي كل ترم، أول نص لي، الساخر، جسد الثقافة، مدونة روح، فوضى روح، روح وبوح، نوف الزائد.

ثم يترك الضجيج رأسي ويسكن الوجع قلبي، حزني وبكائي، خيبات أملي المتراكمة، المرض يندس في صدر أبي، أضلاعي، أكتافي، شيب أبي على الوسائد وعلى اللحاف، نتقافز في العمر، نكبر في أيامنا بالسنوات، أياديّه تسند أبي، يدي تسند يدي، أهرع للكتابة، تموت الكتابة، يتضائل أبي، غصة، الضجيج كله من حولي، في المجالس، في الصالة، في استقبال العتمة، وننطفئ.

نتحسن بالخداع، أفكر في الأمل، يسكن الضجيج، إلا من صوت رياح عاتية تطبق على الفكرة الأضلاع.

لماذا بعد كل هذا عدت أحلم.
وكأن الأحلام حق مشاع.
وكأن الأفكار الملوّنة ملك للجميع.
وكأن الأحلام تجسدّها الألآم.
وكأن من واجب الوجع أن ينفث الروح في جسد الحلم يوماً ما.
وكأني سأضحك في الختام.
لربما خبأ القدر الفرح في نهاية المطاف.
وكأن كل هذه السنوات مجرد رواية، سينتهي فصل حزين ليبدأ فصل الفرح، هكذا يقرر الراوي نقل الأحداث من العتمة للنور.
وكأن هذا ممكناً.
وكأن ذلك يغيّر من ملامح الرواية، لنضحك.
لنضحك.
لأضحك على خيباتي.
لأضحك على سذاجاتي.
لأضحك على فكرة تصرّ علي، أن أبقى أحلم.

لاضجيج الآن.
ولا صداع.
لا ملل ولا أية لعنة.
ليس غير الإنتظار.

الأحد، 6 سبتمبر 2015

طريقتي في مواجهة الخيبات.

غالباً بعد كل استنزاف عاطفي أتعرض له، أو إهدار لطاقتي التفاؤلية، أو مايدعى بالخيبة بعد كل محاولة جادة مني للتحسن.
يتحول الكون للسرعة الثقيلة، يتحرك ببطء يناسب فكرتي الموجوعة، تتحول شقتي كلها للنور الخافت، الشموع في حالات الحزن الكبرى، أتمدد على كنبة ملونه مع كل لبس تستدعيه المرحله، قطنيات واسعة وفضفاضه ومستهلكه جداً وقريبة من قلبي مثل صديقة قديمة تعرف تماماً المزاج المصاحب لمثل هذه الحاله، يسند أقدامي الجدار المقابل، رأسي خارج إطار الكنبة، شعري يقف على أقدامه على الأرضية، وأتابع قناة وحيدة بكل إعلاناتها وفواصلها وبرامجها وحتى تشويشاتها حتى تبدأ بإعادة بث برامجها ذاتها مجدداً.
ستكون كل محاولة لإخراجي من هذه المرحلة تشويش عظيم، سيكون كل ترجّي بقلب الطاولة والبدء من جديد كلام فاضي، وكل يد تشد على يدي وقتها ممكن أن تهشمها.
لذلك اترك دائماً لافتة، دعوا حزني يمر بسلام. أو دعوا خيباتي تودعني بطريقة لائقة.

كيف أصبحتِ؟ .. فزّاعة.

ويأكلنا العمر، لقمة عصيّة، لقمة بحاجة لطحن.
وكيفك ياصديقتي؟.
وأرد وقد حصلت على خصلة بيضاء مؤخراً، وكحة دخيلة بين جملة وأخرى، وأصابع فاتنة ترتعش، ومكتبة عظيمة من دون كتب.
لقد أصبحت سخيفة، هشّة وساذجة ويسرقني الكلام، لقد توقفت عن القراءة مذ آخر قائمة كتب مشتركة بيننا، وكذلك الكتابة أخذت تتسرب من يدي، تذكر عندما حلمت برجل ضخم حتى لايكاد يبين رأسه وهو يطاردني بفأس عظيمة وبهدوء يطلب مني قطع أصابعي، كيف خضت كابوساً مريعاً وهجرت الكتابة لاسبوع دون أن أتوقف عن البكاء، بدأت أفقد أصابعي مجدداً، كأسنان لبنية تهتز ثم اقتلعها من بكاء.
لم أعد فاتنة ولم أعد أرغب أن أكون كذلك، وكأن حادثة عابرة قتلت كل شيء دفعة واحدة، أو أن ريحاً عاتية هبّت من شباك لتسرق كل شيء دفعة واحدة، ليست سنوات عمر ولكنها ريح صرصر عاتية.
وأنا عروس النار، دمية الحقل، فزاعة، في حديقة صفراء جرداء، نسي فلّاح أن يريحني من وقوفي قبل أن يغادر، أو أن الموت داهمه دون أن يترك له فرصة فعل ذلك، اقتلعت الرياح في آخر مرة وشاحاً كشميرياً مثبتاً بعناية على أكتافي، وتركتني عارية أمام هذه السنوات .. أعض على أسناني.
فقط هذه خزائن سنوات سبع، لم احفظ فيها ما أدسّه لسنوات سبع قادمة.

لم تجيبي على سؤالي.. كيفك ياصديقة؟
أنا..  فزّاعة.

الخميس، 13 أغسطس 2015

وآه يالندن.

اختلاف ثقافات لا أكثر ..

تعقيباً على تصرفات بعض المسافرين، والخليجين بصورة أوضح، وفكرتهم عن الأكشن و"الزحف"، فرأي سماحتي لا بأس في ذلك.
ليس رجعية ولاتخلف أن أشعر بالسعادة بكل طاقاتي وامكانياتي، ليس عيباً أن أتصرف بعفويتي في كل مدينة أحل بها، ليس تخلفاً أن أشعر بالسعادة واصنع ذكريات مختلفة في كل مرة، لايمنع أي قانون في أي بلد من انطلاقتي حسب ماأراه وأرغب به.
فلو كنت تحت برج إيڤل برفقة أمي، وكانت تهفو نفسها للدندنه بقصائدها القديمة والسامريات فلن أمنعها ولن أبتئس لأنها بطريقتها هذه تجد السعادة، لن أمنع أبي أن يخرج ببيجامته مع بالطوا الشتاء لأن تغيير الملابس بالنسبة له مكلف ومرهق، لن أنزعج من منظر الكاروهات مع الجاكيت والقبعة، فتلك سعادته ومنطقة راحته، لن أنزعج من شخص يبسط فراشه تحت إيڤل ويصنع مزاجه، فهذا كله ليس رجعية ولاتخلف ولاعفن، وسأمر بشلة يرقصون في الشانز على شيلات وسابتسم وربما رددت عليهم اوه لقد صنعتم يومي.
فمادام الأمر محدود بالحرية الشخصية ولم يؤثر على أحد من قريب أو بعيد.
لكن سأنزعج لرمي القاذورات في كل طريق، وترك بقايا الطعام في الحديقة، وسيزعجني أكثر تبول الفرنسيين الثمليين قرب شجرة كانت زكية، وسيكون على قائمة التخلف والرجعية أن يمارس أحدهم الحب في العراء أمام المارة فقط لاستفزازهم.
هذا هو التخلف بعينه والرجعية.

بعيداً عن المثالية وصورة الانستقرام النمطية، من كان له من السعادة شيء فليفعل ذلك بكل طاقاته وكل رغباته.
لايشترط أن تكون مودل وكول وجذاب وجميل ليكون لك الحق في عيش سعادتك بحذافيرها، كن أنت فقط كما تحب وكما تشعر به من دون تقييد.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

بلاد العهر والعفن.

بلاد العهر والعفن.

هذا العنوان المناسب على كل نقاشات تدور في هذا البلد وحوله، أي قضية أو تطوير أو حدث، يخرج هذا العنوان ملوحاً في رأسي.
وطن المثالية الخادعة والكلام الطويل المتأنق، بلاد التناقض، وطن الخديعة.

تعقيباً على مشهد مؤذن زيلامسي، أيقنت أننا كأفراد نرفل في العبودية حتى أطراف أصابعنا، والحرية ضبابية لدينا، وهذا الرأي ليس فقط تعقيباً بالإيجاب على المشهد.

فالمطوع لدينا كاذب بالمناسبة ويرمي أعبائه وفشله على الآخر ومؤمن بإقصاء حرية الفرد واختياره، بينما الآخر كذلك كاذب ومخادع، وبعيداً كل البعد عن معنى الحرية، ولايدرك من صياحه إلا وجوب مخالفة المطوع في كل شيء، وفي كلٍ جهل وفي كلٍ عمى.

بينما يهمني أن تفتح المحلات وقت الصلاة ويسمح للمرأة بالقيادة ويحق لكل فرد المناقشة وإبداء وجهات نظره، يحق للمطوع مايحق لغيره، من حرية اللباس والتعبير والنقاش والكلام وحتى التصرف.

فعندما تطالب بالحريات والانفتاح وتحشر الحرية في من هم حولك ومن أحبابك وأصحابك فأنت لاتختلف عن جاهل آخر وأحمق يظن كما تظن ويفكر كما تفكر في أن الحرية حق مشروع له وحده ولأحبائه وأصحابه.

لفت نظري تعليق على صورة لرجل خمسيني يتوسد حامل مصحف بينما هو مستغرق في قراءة القرءآن، ليكون التعليق من قبل المصور "منتهى التخلف والرجعية وعدم احترام بيوت الله" ولا يخفى عليكم كمية المطبلين والطائرين في العجة ليلحقوا بركب الحضارة وحتى لايمسّهم من التعقيب السلبي أو الصمت شائن.
بينما كان رد بسيط نهاية الحفلة السابقة "هو حر".

هو حر.
أنت حر.
أنتِ حرة.
الحرية حق مكفول للجميع، لكن لايحق لك أبداً أن تضرني ولو بكلمة أو حتى إشارة، فمن واجب الحرية علي الدفاع.

الخميس، 18 يونيو 2015

بعض الأشياء.

هرش أذنه مره، ثم عاود الكرة، ردد: قاتل الله الحساسية. ثم أخرج العم حسين المفتاح من جيبه وأدخله في أذنه اليسرى أولاً ثم أداره مراراً وتكرار، ولم تختل ملامح وجهه رغم تمعّر وجهي وانقباض قلبي، كرر ذلك في أذنه اليمنى مجدداً.
لاتفعل ذلك ياعم حسين، ربما تحتاج لمرهم أو قطرة تنهي هذه الحكة، لربما آذيت أذنك بهذا الفعل.
"يا ولدي وماذا سيفعل مفتاح مسنن في أذن صدئة غير أنه يجلو الصدأ" يعيد تركيب سماعته.."الأذن في مثل هذا السن مجرد ديكور لملامح وجه ملائمة أو كإسناد للنظارة، ليس أكثر من ذلك، لذلك هي الآن شيء مثل خاتم عتيق أو إطار نظارة أو علاقة مفاتيح".

أتذكر هذا الحديث وأنا أهرش أذني بمفتاح سيارة، أذن كبيرة ومجعدة، يفوتها الكثير من الصوت، يعبر من دونها الكلام، يسقط في تجاوفيها المعنى، لأستمر في عمر بالغ بوحدة صوت قاتلة والمتعة الوحيدة في ذلك هي استخدام أذنيك كشيء.

الثلاثاء، 12 مايو 2015

إعترافات مؤجلة.

ستنتهي الحياة وأنا لم أعترف لكم بحقيقتي .. 
فأنا رجل في السادسة والخمسين من عمري، أخترعت شخصية أسميتها نوف على اسم ابنتي البكر المتوفاة في سنتها الثانية، حينما كانت تركض خلف بالونتها وسقطت من الدور الثاني.  
بعدما افتقدتها .. أعدتها للحياة وكنت أنام كل ليلة وأنا أسأل ماذا لو كانت حيّة ترزق الآن، ماذا كانت ستصنع وماذا كان سينتظرها، كان سيكون عيد ميلادها التاسع والعشرون في مارس، وهكذا كنت أنام على كتف هذا السؤال واستيقظ بفكرة كاملة عن يوم جديد من حياة نوف. 
بالطبع الأمر سيكون سهلاً علي في بلد مثل بلادي ..حيث أماكنها المفتوحة معدودة وعلاقاتها محدودة، مما سهل علي المضي قدماً. 

يبدو أني أصبحت مهووساً بالفكرة لدرجة إهمالي لزوجتي، حتى طلبت الطلاق قبل خمس سنوات .. مهووس للغاية لدرجة لم أفتقدها طوال هذه السنوات الخمس. 

أملك قطة بعين واحدة سليمة وأخرى منطفئة تماماً، كأنما أطفئت بها شمعة. ويبدو أنها صماء فهي لاتتحرك من مكاني مهما هششتها حتى أدفعها بيدي، لا أذكر أني اشتريتها، غير أنه في ذلك اليوم وعندما غادرتني زوجتي، ويبدو أنها تركت باب المنزل مفتوحاً على مصراعيه، وقد وجدت فيه الهرة الهاربة غايتها. 

لايهم .. 
لكادت نوف أن تكون شيئاً واقعياً للغاية، أمراً لا مفر منه، أو ربما تختار أن تكون قنبلة نووية، غير أن تكون طفلة ذات السنتين مغروسة طائر في الجنة وبأقدام مقيدة في الأرض.

السبت، 9 مايو 2015

صدر عامر بالموتى.

لأن أبي قبل أن يموت، حمل الموتى في صدره، زحف إليه الوجع من أعمق نقطة في صدره، من أول ميّت عزيز عليه دفنه هناك، انتفض الوجع وزحف الموت حتى امتد لأقصى أطرافه.
أبي الذي مات وهو لايزال يقاوم الموت ولكنه يحن لأمه وأبيه، وأخته وأخيه، وابنته الذي قطفها الموت باكراً في ملامح الثلاثين الجادة.
لذلك انتفض الموتى بوفاته، فتهندمت الذكريات الشاحبه، واصطبغت بالألوان تلك الصور الرمادية، عادت الذكريات الحزينة دفعة واحدة، فنفض الموت، الموتى من على صدر أبي.
لذلك أمي بدأت تبكي أمها المتوفاة قبل أبي بسنة تقريباً.
لذلك ابنة أختي تشعر لأول مرة باليتم في وفاة والدتها.
لذلك أذكر ملامح عمي جيداً وصوته وضحكه ونكاته.
لذلك أتذكر جارتنا التي لم تنجب وكأني ابنتها، وعمتي البعيدة والتي كانت أول موت يهز طفولتي بدموع أبي، لذلك فتحت سرداباً في حداد أبي، لكل الموتى الذين نفضهم الموت عن صدر أبي، ليطمئنوا إلى صدري، يدخلون بكل هيبة الموت وسكينته وآخرهم يدخل بملامح قريبة من الحياة، بخفة البرزخ، ويغلق الباب على قلبي، لقد كانت خطوات أحبها جداً وافتقدها، لقد كان أبي.

الأحد، 22 مارس 2015

في عيد الأم وددت لو كنت أماً.

في عيد أمي وددت لو كنت أماً.

الطالب الياباني إيسي ساكاو ٣٢ سنة، طالب آداب في باريز. قتل وأكل في ١١ يونيو عام ١٩٨١م طالبة هولندية اسمها رينيه. تبادلا الزيارات لكنها كانت ترفض ممارسة الجنس معه لأنها لم تبادله الحب نفسه، في اليوم المشؤوم زارته في منزله وقام بقتلها ببندقيته وبعد نصف ساعة قام بإلتهامها واعترف قائلاً"عندما بدأت بفصل العظام بدأت أولاً بأكل الشفتين واللسان ثم أرنبة الأنف" واعترف بعد القبض عليه بقوله"لقد كنت سعيداً، كان معي كل الحق لقد كان لذيذاً" ثم أكمل "أكل هذه الفتاة كان تعبيراً عن ولهي الشديد بها، أردت أن أستشعر بداخلي حضور الانسان الذي أحببته".*

وهنا كان تعبيره عن منتهى الحب بالأكل .. وفي قبائل من الهنود الحمر كان لديهم  بدلاً من دفن موتاهم الأعزاء يقومون بأكلهم ثم يعلق زعيمهم بأنه لا أحد يعرف كيف يصبح من تحب جزءاً منك وداخل أحشاءك.

ولو كان الموضوع مرعب ومفزع ومخيف ومقزز، لكنه يحمل ملامح من المشاعر الحقيقية، مثل تعابير مختلفة "أبي آكلك.. تنوكل" ودخلت في الأغاني " لو خدك ياتفاح .. في الخد شكليته" ..

يفوق هذا الشعور اكتمالً ومثالية ورقة، يفوق كل الوصف ويغذي كل هذا الإحساس بالحب .. الحمل والأمومة.
كيف تحمل قطعة منك في داخلك، كيف تنمو مشاعرك على صورة طفل يتحرك في أحشائك، يتكون كل هذا الحب وتحمله قرابة سنة ليتوافق مع كل إحساس تحمله وكل جين منك وكل فكرة قديمة قد تكون نسيتها، ملامح وأفكار وذكريات وعمر، كل ذلك منك.
لذلك الأمومة تبقى الأمر الوحيد الذي لن يمتلك الرجل مهما أوتي من قدرات ومن مشاعر ومن إبداع تصويره، بينما بإمكان أبسط إمرأة التعبير عنها ولو بكلمات بسيطة وتعابير سهلة، لن يعرف أحدهم الشعور بتحرك قفص صدري لين وغض بخفة يرتفع ويرتخي بينما تتأمله بعين حب لاتملك كلمة كافية لوصف اللحظة.

لذلك ترغب المرأة في الزواج وتركض خلفه، مهما كانت فكرتها سوداء عن الرجل، تجد الشعور بالأمومة والرغبة فيها تفوق كل فكرة سيئة وكل لمحة قاتمة عن حقيقة المشاركة في الحياة برجل.
لا أقول هنا أن النساء بلا عقل، حيوانات في بحثهم عن رغبتهم في الأمومة وإصرارهم عليها، أو أننا لازلنا في مجتمع بدائي حيث لم يكن مطلوباً من المرأة غير أن تنجب وهي راضخة لتلك المطالب، بينما قد ترفض بعضهن في وقتنا الحالي الزواج حتى تجد فرصة مناسبة وتفكيرها منصباً في الجينات الجيدة التي تتمناها لأطفالها حتى لو لم يكتب لهم القدر الحضور. قد تعزف الفتاة عن الزواج مادامت الفرص المتوفرة دون المستوى، وقد تقبل بعضهن فقط لمجرد الإنتهاء من متابعة المجتمع لها وترصده لهن. وقد يتم الزواج خارج إطار الحب فقط ليورثن أطفالهن بعض الصفات الجيدة في نظرهن.

هنا احترم رغبة الفنانة أليسا وتصريحها بشأن حبها للأمومة ورغبتها في ذلك خارج إطار الزواج، وذكرت أنها ترحب بالتلقيح الإصطناعي، حتى لو كانت الفكرة لاتناسب ديننا ومجتمعنا، تظل رغبتها وتصريحها فكرة تراود الغالبية العظمى من النساء. أن يكن لها الخيار في البقاء أم عازبة.

في النهاية تبقى الأمومة رغم كل التطرف الحديث في سلبها جماليتها وتشويهها من قبل أسئلة وأفكار في ظني أنها ناقصة على شاكلة " كيف يكون لك قلب في جلب طفل على هذا العالم؟ ، كيف أفكر في صناعة طفل في وطن رجعي؟، كيف تكونين بهذه الأنانية في إشباع رغباتك وصناعة حياة في ظروف حياتية قابلة للإنفجار؟، أنا لا أصلح أن أكون أماً ولن أرهل جسدي ولن أفكر في طباعة نسخ مكررة مني.". تبقى الشعور الأجمل وحالة من التصوف وسلم موسيقي ولحن نادر وفكرة بكر وإحساس غض وباقة كاملة من السعادة.

الأربعاء، 11 مارس 2015

على سيرة الإفتراس الآدمي.

بعد قراءة كتاب"إفتراس اللحم الآدمي". أيقنت أن الإفتراس لايزال قائماً بحد ذاته حتى لو كان بصور وأشكال محتملة وبصور مشاهدة ، مثل ترك أحدهم يقع في هاوية الجوع فقط لإستشعار اللذة والقوة كما في سوريا الآن، مثل حرق آخر حتى يتفحم والعكوف على المشاهدة حتى ينتهي الأمر كلياً تحت مسمى الثأر، كمن يمنح أطفاله الحق في ضرب وشتم وتخويف طفل آخر لتأصيل منهج ديني في داخلهم، كل ذلك إنما هو إفتراس ولو لم يحدث أن تم تقطيع أنوف وكسر أقدام وبتر أعضاء ومضغ قلوب وكبود. 
مهما كانت الخلفية المرجعية لمثل هذه الإنتهاكات هي لاتخرج عن معنى الإفتراس المقزز. 

لذلك الإنسان وحده الحيوان الذي تقع حيوانيته بإختياره، وهمجيته مهما ماكان فيه من تطور ورقي بإختياره لهي أشد من الهمجية الناتجة عن الجهل وطريق المعرفة الأولى. 

لكن بعيداً عن كل الصور السابقة .. تظل البشرية الحيوانية التي تقترف جرائمها بحق الآخر بحكم وقوعها تحت تأثير المخدرات أو المسكرات هي أفضعهم وأبشعهم. 
مثل زوج يسحل زوجته في وقتنا الراهن وأمام منزل أهلها حتى تلفظ أنفاسها ثم يجرم بالسجن سنتين فيتم إطلاق سراحه بحكم أنه غير عاقل ومدرك لما يفعل لهو إفتراس. 
كأن ينحر آخر زوجته حتى يفصل رأسها عن جسدها ثم لايتم اتهامه بحكم عدم اتزانه ومرضه النفسي فهذه جريمة تعد من جرائم الإفتراس. 
ثم يقضي زوج على رحلة عائلية بحكم رغبته الملحة في تذوق طعم ابنه بعمر السنة الواحد هو الإفتراس الكارثة التي تلحق بالزوجة والرعب الذي لن توقفه السنين.
مثل هذه الجرائم والتي تحدث في بيئة تعد مستقرة وساكنة لينبئ بحدوث مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في حال وقعت مثل هذه البيئة المترفة تحت رماح الحرب. 

الخميس، 8 يناير 2015

متى نصر الله؟

"متى نصر الله".
هذا ماطرأ على بالي وأنا أتقلب على فراشي محفوفه بالقلق. رفعت صوتي "متى ترحمني".
متى تكف الحياة عن مشاغبتي.
متى أكف عن القلق.
متى أنتهي من الركض، حتى لو كان الركض لايبرح مكاني.
متى تنظر لي بعين الرحمة، وأنا المتحولة لعين القسوة، حتى اخشوشنت أطرافي.
وأنا التي كلما قضت فترة من عمرها، ابتسمت برضا وتحدثت بثقة، لقد تجاوزت أسوأ مايمكن أن يمر علي في حياتي، سيكون هناك الأجمل، ولاينتظرني إلا الأسوأ ذاته.
متى أنام بضحكة شاسعة واستيقظ على حلم جميل، وكأن مجرد التفكير بذلك ضرب من السذاجة.
لكنني مللت مني، هذا الكائن البائس والمثير للشفقة أينما حل، مللت من العمر المهدور دون أن يكون فيه شيء لي، مللت من نومي ومن استيقاظي.
ولاينتهي هذا الملل ولايفنى ولكنه يولد من العدم ويكبر في العدم ويتمدد في عروقي حتى آخر قطرة. حتى أُحبس وحيدة في جزيرة نائية بعدد لامنتهي من التجاعيد.

خطبة الجمعة.

خطبة الجمعة..

أحياناً لشدة إغتراب الشخص عن ذاته، ينسى الخير المزروع داخله، لذلك إما يحتاج تذكير أو يحتاج إشادة وتربيت على الأيدي.

الخير لايشمل الخير الفعلي فقط، قد نذكر شخص بأنه جميل فهذا خير، قد نعبر لآخر عن سعادتنا بوجوده وهذا خير، قد نخبر أحدهم أن ضحكاته المصورة باعثة على السعادة وهذا خير، قد نشعر البعض بالإهتمام المفقود وهذا خير، قد نذكر الشخص بروحه الجميلة التي كانت، قد نصنع من الألم سخرية تقزم الأوجاع وهذا خير.

بعد حديث مها عني، "كيف تساوين بيني وبين أطهر شخص عرفته بالساخر"، حديث لطيف وأشعل في رأسي إضاءة خافتة.. جلست بعدها أبحث عن الخير الذاتي، أعرف تماماً أنني لست ملاكاً ولست شيطاناً، لست بمنتهى الحكمة والنبل ولست بمنتهى المكيدة والحسد، لست بمنتهى الأمنيات الجميلة للآخرين ولاأتمنى لهم السوء.. وكما ذكرت من قبل "أنا سعيدة من أجل كل سعيد وحزينة من أجل كل حزين".

لكن لنظن بالنفس خيرا. هذه المرة، لنتذكر الهبات الخاصة لنا من دون البقية، لنتبختر ببعض الصفات النبيلة رغم كل الظروف والتي لازالت، لنتباهى قليلاً ببعض مانملك دون إنقاص لأحد ومن غير إجحاف للذات.

أذكر هذا الحديث تماماً وأنا أتذكر حادثة قبل عدة أيام، عندما زارتنا إحداهن، وعلى غير العادة كان حضورها بالكثير من الهدايا والصواني والتقديمات، كانت تعطيني الأكياس والهدايا وأنا أقرأ الإمتنان والأماني في عينيها.
بعدها فتحت لنا حديث عن ابنتها"سلفتي سابقاً"، قالت أنها منذ ثلاثة سنوات وهي لاتخرج من منزلها ولاحتى لزيارتي أنا أمها، وحالتها مريبة ومتدهورة، وكيف أحضرت لها المشائخ والقراء من دون فائدة.
انتهى الحديث هنا وانتهت الزيارة، جلسنا نستذكر الموضوع واستنكرت أختي الحالة جداً وردت أمي بهدوء وحكمة وعينها لاتبرحني .."ليش ماتكون دعوة صابتها في عسرة". بعدها قالت سامحيها يابنتي.
صدمت من الفكرة، أن الله قد يكون استجاب لي فعلاً، أن الله وأنا في غياب تام عنه وفي غضب وحنق عليه كان يعمل من أجلي دون علمي، وأنه بعد كل هذه المدة جاءت الأخبار بتوكيد أن الله كان يدبر الأمر بعيداً عني.
رغم أني كنت حزينة على حالها لكنني كنت سعيدة بهذه الإشارة الإلهية، وأنه يدبر الأمر بعيداً عنا تماماً، لكنه لم يغفل عنا.
وكان ردي أني لم أذكر أحد باسمه لكني دعوت الله من أرادني بسوء فاشغله بنفسه.

فرغم كل تجاوزاتك، رغم ابتعادك واقترابك، رغم حضورك وغيابك، قد تكون تحمل في داخل بذرة خير، لاتراها بنفسك ويراها الآخر فيك حقيقة لاتغيب.

أقم الصلاة.

ذاكرة غانياتي الحزينات.

ذاكرة غانياتي الحزينات* غابريل غارسيا ..

تعود نوف مجدداً لعادتها الجميلة، بالقراءة لكاتب حتى تنتهي منه، هنا غابريل كان أجمل بكثير من "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه". بكلمات بسيطة ووصف غير متكلف ومحيط غير مصطنع ومزعج في التركيب، ببساطة وعمق في ذات الوقت.
إذن هكذا يكتب غابريل، وكأنه يسير بمحاذاة شاطئ ويقرر السباحة بهدوء، يأخذك في حضن الفكرة والعقدة والحبكة تدريجياً بفتنة وسحر بالغة.
لكنه كعادته كمايبدو لي، أنه ينتهي من الكتابة فجأة، تنتهي من القراءة وكأن هناك ملحق بالنص قد أسقط سهواً أو عنوة. فجأك ووجهاً لوجه تجدك مع النهاية، النهاية التي لم تطرأ على بال أحد لشدة هدؤها وانكسارها عن مجرى الحدث.
بذلك نجد نصوصه تتعاظم على مشارف النهاية عندما يحدث الإنهمار الحقيقي، عندما يلج الكاتب منتصف البحر.

شكراً غابريل ولو متأخراً.

أحتديث نسوية بحتة.

وهذا كوبك الثاني، وهذا نومك الهارب ليضعك وجهاً لوجه مع أيامك الجميلة العابرة والتي تركتك عارياً إلا من الحسرة، هذا كوبك الفارغ بينما عبأت به فراغ قلبك، ليستيقظ كل حزن قديم وكل حب خدش روحك.
إنهم فقط الحمقى من يستعينون بالقهوة لزيادة تركيزهم. بينما الحياة ليست بحاجة لأكثر من غيبوبة مؤقته وذكاء أقل.

وهذه دفاترك المتكدسة، وأنت وحيد وخالي وحزين وهش وخائف، تفكر في كيف تكون البداية وأنت مكتوب لنهايتك.

وسجائرك اللعينة هراء آخر، ووقتك المهدور في كف هذا الوطن هراء عتيق، ومكتبك الذي تظنه يكتب بدلاً منك، كتب عنك فصول الخيبة.

وكؤوسك المترعة لاتحمل إليك معجزة، ولاتدلك على مخرج للإفلات من فك العتمة، أنت مطحون ومسحوق ومعجون بالحنق ومعتق في الرهبة.

فقط أخبرني ياصديقي، أبعد كل هذا تفكر في كوب من القهوة.

كوب قهوة من فضلك.

وهذا كوبك الثاني، وهذا نومك الهارب ليضعك وجهاً لوجه مع أيامك الجميلة العابرة والتي تركتك عارياً إلا من الحسرة، هذا كوبك الفارغ بينما عبأت به فراغ قلبك، ليستيقظ كل حزن قديم وكل حب خدش روحك.
إنهم فقط الحمقى من يستعينون بالقهوة لزيادة تركيزهم. بينما الحياة ليست بحاجة لأكثر من غيبوبة مؤقته وذكاء أقل.

وهذه دفاترك المتكدسة، وأنت وحيد وخالي وحزين وهش وخائف، تفكر في كيف تكون البداية وأنت مكتوب لنهايتك.

وسجائرك اللعينة هراء آخر، ووقتك المهدور في كف هذا الوطن هراء عتيق، ومكتبك الذي تظنه يكتب بدلاً منك، كتب عنك فصول الخيبة.

وكؤوسك المترعة لاتحمل إليك معجزة، ولاتدلك على مخرج للإفلات من فك العتمة، أنت مطحون ومسحوق ومعجون بالحنق ومعتق في الرهبة.

فقط أخبرني ياصديقي، أبعد كل هذا تفكر في كوب من القهوة.

"أهلاً بك في هذا العالم"*

ترامادول كان النافذة، النور المتأخر لثلاثين سنة، ليسري بإضاءة خافتة في أوردتي وشراييني، بكامل الهدوء الذي كان في رحم أمي، السكينة الخام قبل ولادتي، مثل حضن كامل يطمئن كل خلية تشعر بالقلق.
لستُ نادمة إلا على الساعات التي سبقته كيف بكيت فيها، كيف داهمني الخوف وهو يمدها نحوي بصوت خبيث"أهلاً بك في هذا العالم".

_كيف؟
: زمزم.
_حالة تصوّف.
:وصف بعيد ولغة قاصرة، مثل ثمرة في أعلى الشجرة.
_مريح؟
:كيف يستكن أحدنا في حضن أحدهم، كيف الحال وهو يحتضن ذاته.
_لذيذ.
:كان مهيباً والساعة تتباطأ وينام الوقت على ساعد اللحظة، واللحظة المباركة تتسع وتتماهى وتتمدد، لأجدني عارية تماماً من كل فكرة سابقة ومن كل تجربة فقيرة أو غنية، عارية من صداعي وكآبتي وحزني وقلقي وترددي وخوفي ورغبتي.. عارية حدّ ستري لروحي بأكفي.
_وماذا بعد!
: دُفن عالم من الحرمان والوجع والتعب والقلق ونبت بدلاً منه عالمي الخاص. موسيقاي وأغنياتي، الجدران المخملية باللون الأحمر الداكن، الإطارات الذهبية تضم لحظاتي السعيدة، هنا أركض تحت الشمس، هنا أغوص في روح موجة، أغني في إحداهن، أغط في نوم عميق في أخرى، تتطاول الجدران وتبرز اللوحات حتى ينتهي السقف بتنهيدة.
_هل هذا يعني أنك وجدتي الباب أخيراً؟.
: الباب مفتوح على مصراعيه، كنت خلفه تماماً رغم أني لم أبرح مكاني، كنت هذه الروح الرمادية التي تشرب المخدر جسدها وكنت كذلك تلك الأخرى هناك والتي تبدو ببشرة نضرة وبفستان أحمر قاني .. كنت أشاهدني أضرب الأرض بخطوات شرقية بارعة، أذهلتني.
أتقدم نحوي لأستبصر الحقيقة، غير أنها تتقدم نحوي، مددت لها يدي ومدت لي يدي، وكان بيننا حاجز مرايا يضرب في قاع الأرض وينبت للسماء العاشرة.
_ممم ... كم حبة ابتلعتي؟
: لاتبقي ولاتذر.

لاتبقي ولاتذر، ذلك الإحساس بالسكينة كان حقيقة، لم يكن خدعة، لقد أتممت يومين دون أن تغمض لي عين، أتمسك بكل قوتي باللحظة مخافة أن تكون مجرد حلم عذب ينتهي بإستيقاظي. لذلك نمت للأبد.