السبت، 5 ديسمبر 2015

من كفي تنبت الرياحين.

تخبرني كيف أن يدي عقيم.
وأنها مسؤولة عن كل خراب حولي، يدك عقيم.
ستمسك بالشبابيك فتترنح، ستمسك بالستائر فتتوقف عن الحركة، ستمسك بالأسرة فتهوي، ستمسك بالأساور فتقطع، بالأجهزة الكهربائية فتُبلى، بشعري فيتساقط.

احتضنت يدي مطولاً طور الإستسلام للفكرة، الإستسلام الهشّ للعتمة، في تقبل لكل مايمكن أن تصنعه الكلمة.
لكنني تذكرت أنني كاتبة منذ النشء، كاتبة قبل أن أعرف الحرف، أن الكثير من الشخصيات نتاج يدي، الكثير من التفاصيل خلقته يدي، الكثير من الضحك، البكاء، النضال، البؤس، الاستسلام، الحب والحب والحب، الشخصيات المتحدثة " نوف ونورة وجولي وجولين وجاك وخالد وعبدالله وأحمد والقلم والورقة والآلة الطابعة والكلب والعصافير والشجرة المسجونة في الحديقة".

غير أنها أكفي، أكف رعت جدتي جيداً، حتى لازالت تحلم بها تغطيها من البرد، تطعمها، تسقيها، تسرّح شعرها، تغيّر ملابسها، تهتم بنظافتها.

أكف صنعت منزلاً كاملاً في منتهى الأناقة والترتيب، منزلاً مكتمل التفاصيل، مكتمل الأنوثة جداً، جاهزاً لأي مناسبة ستزوره فجأة، منزلاً مكتملاً في وجه أي لحظة سعيدة كانت أم حزينة.

هذه الأكف العقيم، حضنت أبي جيداً، حضنته للغاية، لذلك لاتزال دافئة رغم الوجد والحزن والبرد، كانت تقضي لياليها الطويلة تغطيه، تدور على مناطق الوجع تفككه، تمسح على ظهره وتحتضنه.

أكفي ليست عقيم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق