الخميس، 2 فبراير 2023

ولادة برعم جديد، يحمل بشارة.

 

لطالما آمنت بكل ولادة، أنها تحمل في داخلها بشرى، هذا الفأل، وكأني أتحوَّل لعجوز يعني لها "دلق القهوة خير" وتظن أن "انكسر الشرَّ" على كل ما ينكسر بدون قصد. حقيقة تؤمن بها عميقاً دون تفسير واضح ولكنها تحملها في داخلها.

وأنا أحمل في داخلي هذا اليقين، أن كل ولادة هي مقابل للموت، وكل ولادة هي مساحة تتمد للحياة مقابل مساحات تتضائل للموت، لذلك هذه الولادة بشرى.

ولادة برعم جديد يعني اخضرار سيحمله لي هذا اليوم.

فاليوم كان هناك أكثر من ولادة، برعم نبات ينمو في مركن الزرع في أقصى الغرفة ودون مراقبة ولا اهتمام بالغ.

 وبينما أعبر موقف عصيب وأنا أطوف في دوائر الغمَّ حول فكرة حزينة، وأفكر في كل ما يمكن أن يجعل هذا اليوم الثقيل يمرّ. دون فكرة واضحة لطمأنينة.

حتى كانت بشارة ولادة حيواني الأليف لثلاثة صغار وهالة الأمومة تطوف في المكان وتنيره.

حمل هذا الخبر المفاجئ هذا الشعور بالسرور.

مسرَات صغيرة.

أعادني هذا الحدث والبهجة به والمسرَّات حوله، لطفولتي في الثامنة من عمري، بينما أطوف في البيت وكأن لي من السعادة أجنحة، لا أركض بينما أطير، لأن "حوش المنزل" في ركن قصي يحتضن ثلاثة قطط صغيرة مولودة.

بينما تنتهي كل ساعات اليوم وكل رغباته في الطواف حول هذه القطط ومراقبتها، بينما تشرب الحليب الدافئ الذي صنعته لها، أو محاولاتها العمياء للوصول  لقطعة الفرش الذي سرقته لها. أو حتى مشاهدتها تحاول بلوغ ثدي لم تكن في المشهد.

مراقبة وترقب وانسجام تام للحظة التي لا تكف فيها قطط صغيرة عن المواء وعن محاولات تبيين طريقها وتلمسه للدفء.

كأنما كل هذا الكون الرحب والصاخب ليس سوى دائرة ضيَّقة مرسومة حولي أنا وحول هذه القطط.

حتى أعادني للواقع وهذا الصخب، توجعي من كوب شاي ساخن ينكسر على ظهري بينما أحاول المرور بين يدي أختي نحو هذه القطط الثلاثة للمرة العاشرة ربما..

هكذا فجأة يسدل الستار على لحظة غارقة في التواصل والانسجام والدهشة ونتحول لمشهد موجع ومتمدد على بطنه ويرضخ للتجارب المنزلية للتخفيف من حدة الحرق.

تطل هذه الطفلة الآن، من بين أكوام السنوات المتراكمة، تحتفي بهذه الولادة من جديد وترى فيها بشرى.

تنسى يوم عصيب مرت به مقابل هذه المسرَّات الصغيرة واعتقاد يشبه "دلق القهوة خير" و"انكسر الشرَّ" مقابل ولادات جديدة تحمل بشرى.