الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

Tango.


كان البدء برقصة.
لم تكن الموسيقى هي الأم، ولم تكن الفاتنة هي عنق الزجاجة، لم تكن سلسلة العذابات الدفينة والرغبات والليل الممتد والوحدة، ليس الأمر في الظهر الممتد كسارية ليكون الدافع الوحيد لنغرق في الرقص. أن نرغب أكثر.

لم تكن أكفها الناعمة مثل الشيفون أو نهدها البارز مثل لعنة أو خصرها النحيل المغروس في أصيص العذاب.

لم يكن وكأن جسدي فخّار، لم تمر عليه من قبل لمسة تستفز الحياة الملعونة داخله.

لم يكن هذا كله ولست أكذب.

كان العذاب في المسافة المغروسة بيننا، المسافة التي تتقلص حتى تولد شهقة ثم تموت على أطراف مساحة متوالدة.
كان كل الوجع في عينيها، لم يكن حزنها المعتاد، لكنه الغضب. فتصبح إغماضة جفنها كماء منسكب، ثم نظرة أخرى يتطاير اللهب.

لم أكن أدرك أني أتقن الرقص حتى لمستها، فتحولت لآلة رقص ممتدة لسنوات، وكأنها تعرف تماماً أين تضع عطرها وقلبها ولمستها وهمستها وقدمها الضاربة في الأرض. فأفيق مرة أخرى من حلم، على شهقة.

كأنما كان الحضور هنا، والشموع، الموسيقى، الظلال المتمايلة، العرق المنساب .. هي طقوس إطلاق الوحوش الكامنة في غاباتنا السحيقة.
أنتهي من كوني شخص لبق، حديث منمق، روح هادئة، أذن منذورة بالبكاء.. لينتفض الشر داخلي دفعة واحدة بفعل نقرة كعب.
وكأن هذا الصوت هو كلمة السر ليفتح باب الفتنة ولايغلق للأبد.


الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

هي يو تعال أبكي عنك.


هي يو تعال أبكي عنك. 
وأرمي بكل حزنك على كتفي , فهما لم يتعهدان في حياتهما سوى حمل الحزن والتعب , ولا تجعل صوت أزيز المفاصل يردعك ولا تعجل , فإنما هو دليل حي ولن يموت على زمن عابر وخبرة كافية , كأرجوحة تقف في العراء تحمل النور والظلام بالتناوب , ترتدي حر الشمس ولا يطبطب نسيم البدر حروقها ولكنه يزيد حروق قلبها حرقة , أترك أشياؤك الحزينة فقط والموغلة في الألم و غادرني إلى حيث يضحكون , ويفرحون ولا يبكون , إلى حيث يعيشون حياتاً هنيئة بلا أدنى غصة ولا أقل وجع , إلى حيث يذهبون دائماَ بدوني , إلى اجتماعات الأصدقاء , إلى اجتماعات الأهل , إلى اجتماعات الناجحين الكادحين , بل حتى اجتماعات الفشل والسخرية منه دوني .
واتركني هنا , في ركن الزاوية أستقبل الأحزان والأتراح حتى ما بعد الثانية , أحصدهم جميعاً لا أنسى منهم أحداً , كما ولا أنسى أن أتبسم , فكلهم بعد حزني عليك وبكائي عنك لا يعدون من الحزن شيئاً , أتبسم , كما ولو أني أجمع ذكرياتي العابرة في صندوق مخملي يضم الصوت والهمس والحركة وعبق حتى آخره بالرائحة , يحوي ماضٍ في داخله دون أن يفرط منه بشيء ومن دون أن يختنق به , كعلبة ألوان معدنية تحمل في داخلها أربعة وعشرون لحظة دون أن تختلط ألوانها أو تختفي الرائحة وأبقى في سري كفرشاة حزن وحيدة , تغتسل كل مرة من ألوانهم لتبقي على سوادها طاهرة .
ولا تشفق علي , فأكثر ما يغيظني الشفقة , تلك التي لا نعي أصلها , وكأنها من بين المشاعر كلها "نَوَر" , تأتي بكل أنواع الرقصات المطلوبة منها ولا تتقن لها رقصة ولا تفكر أن تبتدع , اتركها فأنا أمقتها , وأي إحساس من هذا النوع لأي أحد هو لا يمنحه سوى تعاسة تتضخم لتدفعه لطريق معتم وربما "س س سأنتحر ..!" 
وأنام وأصحو لأدرك إنما أنا مسمار علق على الحائط عبث. 
شعور قارس بالقلق.

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

ظــل "Espresso"

 .

الاسبريسو تُّعدْ الذهن الصافي والسيجارة تحمله على خيط الدخان عالياً حيث يرقد المزاج اللعين , يرهقني فعلاً وأحاول الحصول له على أي مهدئات أو مخدرات تقضي عليه .. أي سمَّ هارٍ أسكبه له في كأس واختار له نخباً
(game over ) أو (time out)
.
أريد أن أسقيه له بيدي هاتين حد الثمالة , حتى ينتهي ذلك السباق اللعين بيني وبين الزمن وأتنفس الصعداء وأحبس كل الهواء النقي داخل علبة صدر معبأة بالأدخنة .
ثلاثون سنة وأنا أركض في مضمار ولم يحدث أن شاهدت أحد المتفرجين ولا أوقفني حكم , أزيد كل مرة من سرعتي لأسبق ولو جزءاً من الثانية الثانية التي أصمتني بـ"تك" وكل ثانية أتأكد أنها سبقتني ..
أركض في مضمار هو نفسه يجري .
فأر زينة يحاول التغلب على عجلة صنعت لتسليته ويرهق نفسه للتغلب عليها " هذا أبلغ وصف ينطبق علي " .
ستجدني النسخة المتحركة من الحظ العاثر , وأول من تنبأ بمزاجي العكر ونفسي السيئة أمي , فكانت توبخني كل مرة أسرق فيها كوبها الأخضر المعتق وأشربه بارداً وأتلذذ بالسرقة أولاً والمعتق ثانياً , سمعتها مرة تخبر أبي أني سأقضي عليها باكراً بعدما خطفت من يدي فنجان أم سعيد جارتنا والتي قرأتْ فيه موت ابنها , المتعة في الباقي من كدرة القهوة التركية في أعقاب أكواب أولئك النسوة المعدَّة للقراءة ويبدو أني لعقت كل الحظ العاثر الذي يعترض طريقهم , ليتأكد لي إنما أنا حظ عاثر متحرك والنسوة في حياتي محض كدرة
يالـ أمي المسكينة .. ماتت قبل أن تُعلَّم حفيداتها التطريز والخياطة ,قبل أن تُعلًّمهم أصول إعداد السفرة وأصول الضيافة وطريقة تقديم القهوة السادة الواجبة في العزاء , قبل أن تعلمهم أسرار قراءة الكف ونشر الودع والصدف وكيف تفسد كتابة القهوة التركية بالتفسير ..

بناتي الأقل حظاً من بين البنات فسيكبرن بسرعة وبفراغ , دون أن تختلط رائحتهن برائحة طيبة جدة , من غير عبق ريحانها السكينة ولا غصن سدرة تزرعه تحت وسائدهن لتمنع الأحلام الفاسدة من التطاول , من غير خرزة زرقاء تخبئها في طيات ثيابهن تمنع عيناً وحسداً .سيكبرون دون أن تُطبع على شفاههن كلمات أمي ولا على حياتهن تجاربها .
وأنا المسكين الذي ترك زوجته تغادر دون أن يحظى بابنة تحمل كروموزوماتها , تأخذ ضحكتها المكتومة وغمازة خدها اليمين و ذقنها المتحفز لقبلة , من غير بحة الكلام وصمت الخجل وصخب العفوية البالغ من غير أي ذكرى حيَّة يبتسم لها ..
غادَرَتْنِي و غادْرتُني ..
لا تظن أني أقلب أيامي السوداء أمامك أشكو الوحدة , فالوحدة عزاء قلبي , أما عقلي يا صاح فيشكو العتمة و الشريط المشغل فيه رديء ‘ الصورة مهزوزة والصوت في كامل ضجته وبقية الحواس معطلًة .


الدماغ فوضى عارمة , يحتاج لتصويب فوهة مسدس نحوه ليهدأ الجميع فيه ويستكن سموت الخوف أكيد من الرجفة , لكني أعرف جيداً أن أول من سيستسلم للمسدس ويرفع يديه هو النوم ..
النوم
النوم
النوم .
مذ رحيلها لم أذق طعم النوم , أرق طويل بلا انقطاع , وفزع متواصل , كل يوم أعد حلم عودتها بكامل زينتها وابتسامة رضى على ثغرها ولا تأتي .. رغم أني أستقبل النوم بكامل أناقتي .. فلا هو يحضر ولا الحلم يحضر ولا هي تزورني في يقظتي ..
ولا أعلم لما قد تكون غاضبة مني لهذا الحد , كانت ملاكاً ورأيت من الواجب أن لا تدنسه لمساتي ولا تعكر مزاجه همساتي , خبأتها في زجاجة كعصارة خمر معتقة يجب أن تبقى مرفوعة لذلك اليوم الذي ربما نموت وهو لم يأتِ بعد , للًّحظة التي أتطهر فيها من سواد ودنس وكذب وخداع وتتخلص هي فيها من أجنحتها ثم تلقي طوق الملائكة من على رأسها , نعود لعهد آدم وحواء من غير أن يزاحمني إبليس في دمي ولا تمنعني هالتها الفضية من أن أعيشها ..
وترميني بتهمة الخيانة بعد ذلك ؟ , هي كثير علي وأنا حافظت على المسافة المقدرة بيننا وفتشت في جموع النسوة عن امرأة لعوب ماكرة تشبهني تعرف معنى السيجار البني والليالي الحمراء وكيف تسرق الساعة من اليد دون أن يشعر أحد , فيلعن كلانا الآخر من غير أن يشعر بسوء أو يساوره ندم , نكون شخصين ناضجين لا يبحث أحدهما في الآخر غير بشر .
تعرف أن داخل كل شخص بيت صغير يغلقه عن الآخرين لا يدخله أحد وأنا خفت عليها عند الدخول لذلك البيت أن تصاب بالربو أو تنكسر , البيت الخرب فتحته لكل النسوة عداها والآن فقط أدركت أنه يحتاج ليديَّ مَلَك ليعيد بناءه والملك نفض ريشه وغادر .
بارد وثقيل هذا هو مزاج أيامي الأخيرة ..لا تعجب من خلطي أعقاب السيجار بالباقي من الاسبريسو ستعرف ذلك الطعم عندما تعود للبيت وبيدك عاهرة ..
ششششششششش ..
نعم ..
عاهرة , ألبسها طوق الملائكة وأطلب منها أن تتحدث بعفوية وتضحك بدون صوت بغمازة على خدها اليمين و شعر في دبوس وكأنه انتهى للتو من ترتيب المنزل , لكنهم يفشلون دائماً بالتصنع لا أحد يمكن أن يكونها بعدها أتحول لوغد ثم أسحبهم من الناصية الكاذبة وأطعمهم للطريق كلاباً ضالة .


وأنت الملام في ذلك ولا تعتب , حضورك الصامت ورحيلك الصامت يخلق في نفسي الفراغ المدمر , ذلك المدى الطاحن , أخرج لك بداية نهاري استقبلك على عتبات المقهى و اختار لك مزاجك المفضل وجريدتك المفضلة و كتابك منزوع الأفكار وأناولك الشاي وأشعل السجاير وكل مرة أحاول تبديد صمتك بكمية لا بأس بها من الضجيج والصخب المعجون في صدري , اختار لك حزناً , ضحكة , فرحاً , حباً , خوفاً وتحتفظ ملامحك في جميع الحالات بوجه معفر معتم ذي خلايا ميتة كالح أسود , أخرج لك وكلي إنسان يحاول يصنع من الطريق إليك حكاية ويحبك أغنية ذات سلم موسيقي معوج يناسب تفكيرك ويعود منك خالي اليدين لا حكايا ولا أغانٍ , صديق ينتهي به الطريق لهاوية يسقط منها إلى بقع سوداء متناثرة في حياته وكميات من الفشل المراق والعفن ..


العفن ..

لا أعلم وأنا أردد كلمة العفن لم أشرت إلى صدري ..
طين أنا رطب وعندما تطرق هنا سيفتح لك الدود وقلبي شجرة الزقوم التي تتفرع أشواكها في أنحاء جسدي , تنهش النوايا الحسنة قبل أن تولد , جففني من عصارة الندم وأزح عن وجهي طبقات الملح ..
أشعر بجوع وعطش ..
وأن أحمل صحناً فارغاً ..
أن أسير بثياب متسخة رثَّة ..
أن ينطبع الرماد على شفاهي ..
لا يعني ذلك أني فقير ..
الفقر يجيد التلَّون كالحرباء ..
أتريد أن ترى الفقر بوجهه الحقيقي .
أنظر لوجهي .
ستعرف كل معاني الفقر ..
فقر المشاعر مدقع ..
وفقر الحب كارثة ..
وفقر الحيلة بالغ السميَّة ..
وفقر الحياة موت ..
لذلك ستجدني مت ثلاثين في عمري وأكثر..
أنا مجرد جثَّة تتجول في الطرقات , أنياب كلاب ضالة , مخالب ذئب , قطة تفتش في القاذورات , وأقدام بشر وبصاق بشر ومخاط بشر , ومناخ بارد جاف يخترق الصدر , تسير الجثة تبحث على وجه المنفى عن قبر .
.
يا ظل يا نزق , يا إمعة يا تافه , متى تنفك عني أو أتخلص منك , طوال هذه المدة وأنا أشحن همتك , أحاول فتح لغة للحوار معك , إيجاد طريقة للتفاهم ولكنك لا تفهم , والصمت يأكلني ويدفعني حثيثاً في الكلام والكلام دون فائدة ..
إما أن لاتعود بعد رحيلك هذه المرة , وإما أن نتبادل الأدوار والأمكنة .
  
 .

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

حزن فاتن.


كانت جميلة ياصديقي بل كانت فائقة الجمال
عيناها هاوية، تريد قطعاً رمي نفسك فيها فقط لتغمض عليك بهدب ممتد كأنه نصل.
بمنتهى الهدوء..
حديثها بمنتهى الهدوء.
قصصها بمنتهى اللذة والخدر.
أناملها ناعمة مثل حب عميق مغروس في القلب
لكنها حزينة.
علمني كيف لجميلة أن تكون بمنتهى الحزن
أن تجد الحزن في صوتها، في عطرها، في خصلات شعرها الهاربة من تحت شالها
في حديثها المتهدج كأنه بكاء.
حتى في لمسة كفيها الفاتنة شعرت بالحزنً
إنها حزينة بشكل بائس وموجع لقلب يفتقه الحسن.
لوهلة أحسست أنها تستحيل على الحقيقة هي محض لوحة فاخرة أردت بقوة رسم ابتسامة منتشية على شفاهها وأن أغير من ألوان الخلفية القاتمة، أضيف بعض الزهور والألوان الصاخبة والكثير من الموسيقى الراقصة
أريد أن أمنحها السعادة بكل قوتي.
أعادني من هذا الغياب المؤقت لمسة يد دافئة تستأذن في الذهاب مع ابتسامة عذبة لأقصى حدود القلب لكنها منطفئة.

خرجت من هناك ياصديقي من دوني ..أقسم لك.
أحببت حزنها للغاية وأرغب في المزيد من هذه اللذة الحزينة. من عشاء فاخر في حضرة الحزن.
من موسيقى حزينة.
من البكاء.
فمذ غادرت حلّ في قلبي البكاء.

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

رقم عشرة ياسادة.


الابن رقم عشرة، ملعون.
هذا هو القانون مذ قيل "كن".
هكذا مكتوب في اللوح المحفوظ.
كيف سيكون حاله وهو الابن رقم عشرة في البيت العاشر في الحي العاشر.
لعنات بعضها فوق بعض مثل رأس كارثة.
سيبدأ العد وسيقفز من "تسعة" ل"احدى عشر" دون أن يلحظ ذلك، وكأنه يحاول التخفف من ذاته.
يقفز المربع العاشر، يبقي في جيبه على الريال المتبقي من "عشرة". يحتفظ بثمانية أصدقاء والرقم التاسع للضرورة القصوى.
يتمنى لو كان رقم واحد دون صفر مجاور. وكأن قيمته الحقيقية هي ذلك الصفر.
آخر لحظة قرر فيها التصالح مع الرقم عشرة، تمدد في سريره دون فكرة مضمرة، ونسي ورقة التقويم على التاريخ تسعة، لكنه توفي في العاشر من ديسمبر، مثل آخر ورقة توت تم استبدالها ببرعم.

الخميس، 9 أكتوبر 2014

أنا هي نوف.


سمّاني أخي الذي يكبرني بثلاث سنوات، جئت متأخرة في أسرتي حتى أني لازلت أتعثر، جئت أكبر من خطأ يمكن تصحيحه، لكني جئت أعرف الطرق المختصرة لهذه الحياة، أقصر المواقف للتجارب والعيش، أكثر من التعثر في فكرتي السابقة لكنني لطالما تطلعت لفكرة عالية، صديقتي الأحلام، أعبر المواقف العصيبة وكأني خُلقت لها بالفعل وتهزمني لحظة لطيفة لتجعلني أبكي مثل طفلة وأخبئ وجهي في صدر أم صنعتها من الوسائد. 
أكتب في عقلي كثيراً، لذلك رأسي أصبح بقعة حبر طافية، كذلك لم يعد قادر على الإحتفاظ بذكرى أخرى، لذلك أنا عصيّة على اللغات.
أتشابك مع الحديث غالباً فلقد اعتدت الكتابة أكثر. أحب الصوت وأقدّسه لذلك هو من يملك تمزيق قلبي. فأنا أصغي بقلبي. 
لدي رقصة مضحكة صنعتها عندما شعرت أني بحاجة لجرعة طفولة.
عندما أكون ممتنه لك هذا يعني أني سأقبل وجنتك وأعطيك ظهري لأنام وأنا مبتسمة مثل نصف قمر أنهى مرحلته في سكينة. 
أنا نوف، عرفتموني؟

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

أشعر بالإزدحام غالباً.


في حوار لهولمز ذكر لشخص يأمره بالتراجع "هلا عدت للخلف قليلاً. أنا أشعر بالإزدحام".

هذا بالفعل الوصف الدقيق" أشعر بالإزدحام".
طوال هذه السنوات هذا هو الوصف، وكأني محاطة فعلياً بهالة دائرية تتمدد مساحتها أو تتقلص حسب حساسيتي النفسية. قد تتلاشى فجأة لتتحول المسافات لمسافة قبلة أو تتوسع حتى تغطي طابق كامل فتحدوني على العزلة.

في حياتي هذا وصف دقيق، وهذه المسافة قد تغتال أشخاص بعينهم تجعلهم محجوزين خارج هذه المساحة مهما قدّموا من تضحيات أو محاولات للإقتراب.

من المزعج للغاية أن يكون الشخص خارج هذه الدائرة من أفراد عائلتك، ستقضي جلّ وقتك في تحاشيه أو النظر للمخارج المتاحة قدر الإمكان في حال حضوره.

هذا الألم جراء الإقصاء والألم المدرك في إقتحام دائرتك الخاصة والحسّاسة.

فقط أعتذر منهم فأنا "أشعر بالإزدحام".

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

مقارنة بين الكاتب دوستوفيسكي والكاتب تولستوي.


عبرني سؤال الفرق بين دوستوفيسكي وتولستوي؟
لتعلقي الشديد بدوستو وكذلك حبي المسالم لتولستوي كان هذا السؤال هاجس. من هو الأفضل.
حتى وصلت لعلاقة متسامحة جداً، بأن كلاهما الأفضل من نوعه.

فعندما نرى أسلوب تولستوي ككاتب مقتدر، ومن طبقة مرفهة وغنية، صاحب بساتين وقصور، طبقة نبيلة. ستجد أنه سيكتب بسلام تام وفي عمق بالغ وشديد ولكن على وتيرة واحدة.
ستجده مبدع في الوصف والمشاهد الجميلة وتصوير المكان والأشخاص، حتى أنك تعرف تماماً كل شخصية كتبها بملامحها وصوتها، ستفتح كتبه وكأنك تفتح فيلم مصور. كل شيء مذكور دون أن ينسى شيئاً، الألوان، الصفات، طريقة المشي، طريقة الكلام، الموسيقى الخلفية، واجهة المنزل.
كل ذلك ستجده ضمن مشهد بسيط كعبور زوج آنا كارنينا البوابة لقصره.

بينما سنجد دوستو كتب في جوع ومرض وفاقه، كتب في غرفة ضيّقة تحت ضغط تسديد القروض، تحت ضغط الأكل والشرب، تحت ضغط العلاج.
كتب وهو مبدع ولكن بحاجة للكتابة، سنجده يكتب بعمق ويأس وحزن وعتمة. سيكتب ببساطة لكن بتعقيد روحي، سيلامس حرفه وشجونه وأحزانه جزء كبير منك، بالإضافة إلى أنه زرع نفسه تقريباً في أي شخصية من رواياته. سيكتب عن شخص ولكنه يعبر عن نفسه بدقة متناهية.
في مذلون مهانون ستجده هو الكاتب والمتأمل والفقير والمحب. ليقف سؤال الأب لابنته عائقاً أمامها. "ماذا يعمل؟ فترد بأنه كاتب. ليضحك ويرد بالله عليك الكتابة عمل!"
سيغرق إذن في وصف الروح والوجع النفسي والعمق الإنساني وسيبرر الكثير من التصرفات لكنه لايملك الوقت ليغرق في الوصف وحياكة المشهد بدقة متناهية. بكل طاقة ممكنة.
سينتج مشهد جميل لكنه سيعتمد كثيرا. على السيناريو وملامح الوجه المعبره.

فقط
لنتوقف عن السؤال من هو الأفضل.

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

لتشلّ الأيادي الجافة، ولنقع في حضن اللحن.




لأن أغاني الطفولة وحدها من يستطيع زرع البهجة في القلب، فهي كذلك  سرعان ماتتحول لكومة حنين وغصة، وكأن تلك الأغاني ابتلعتنا في طفولتنا في عالم الدهشة لتعيد غناؤنا على أسماعنا في هذا العمر القاسي والجاف والمتقشف.
لنسقي الفكرة دموع ونغمرها قُبل.

كأنما نحن كنا فقط في منتهى الفرح واللطف والبهجة والسعادة والحرية في ذلك العمر الصغير. لتتحول الأيام لأسوار ضخمة والتجارب لقيود والخيبات لفيلم رعب.

لاتكبر الفرحة فالحزن أكبر.
لاتكبر الدهشة فالوجع أكبر.
لاتكبر الأسئلة فالأجوبة أفقر.
لاتكبر الضحكات فالإدانات أكثر.
لاتكبر الأحلام فالكوابيس أقدر.

لتحولنا السنوات لكومة قلق وبؤس ويأس وفجيعة. لنتحول لأساسات جيدة وبناء متهالك، لنبقى في أرصفة العمر إشارات خاطئة ونهايات حتمية.

لو كان العمر في القلب فقط، لو كانت دروس الحياة لاتخترق الجسد فتستقر في الروح، لو كانت عقولنا مضادة للفشل والخيبة والهزيمة.
لكانت أغنيات الطفولة هي أغانينا المختارة في كل وقت ولكانت ليديها لمسة ساحرة من الحب.

لتشلّ الأيادي القاسية ولنقع في حضن اللحن.




الاثنين، 1 سبتمبر 2014

عقدة الزمن.


عقدة الزمن. 

كنت مدهوشة تماماً وأنا أجلس مع ابن أخي وهو يقص لي حادثة من الماضي مع ذكر التفاصيل والتاريخ والأسماء. 
وإن سألته عن اسم أو صاحب الحادثة من الممكن أن يسرد لك تاريخ كامل لهذه الشخصية مع التواريخ والوقائع. 
كنت أخبره على الدوام أنه فريد وأنه كان يتوجب عليه اختيار قسم التاريخ والحضارة الإسلامية. 

واليوم كان تعليق أختي بعدما لبست الساعة لأول مرة. أن علاقتي مع الزمن مضروبة. وأن كل هذه المشاكل التي تواجهني لأني أجهل الزمن وأعتبره أمر ثانوي بينما هو عماد الحياة. 

تذكرت كيف كانت معلمتي تشدد علي في كل مرة. نوف الدفتر. الموضوع والتاريخ. 
لينتهي الترم دون أي تاريخ وأي موضوع يحمله الدفتر. كانت درجات الدفتر هي من تخسف بي في كل مرة وأكون الثانية على الدوام. 
هذا يعني أن الزمن ينتقم مني. 

أدرت فكرتي نحو الجميع. وكم يبلغ كل منا من الزمن. بناءاً على حديث أختي سأنظر للجميع على أنه مجرد ساعة يد. 
وسأكون ساعة ثمينة ومرصعة بالألماس ولكن معطلة. 

حتى في عمري كنت كل مرة أقدمه سنه أو أزيده سنه وهنا أتذكر صديقتي وهي تعلق نوف أنتِ أصغرنا ونحن لم نتجاوز الثالثة والعشرين كيف وصلت الخامسة والعشرين. 

لازلت كذلك. قبل سنتين كنت أردد على الجميع أنني خلاص كبرت للغاية وأني تجاوزت الثلاثين. بينما حينها لم أكن في السابعة والعشرين بعد. 

عندما أراجع كل ذلك في ذهني. أشعر أنه ثمّة كارثة. ربما يكون البعد الثالث في فراغي مهشّم. لذلك لازلت غير مرئية لهذه الحياة.




الخميس، 28 أغسطس 2014

ماكان بالإمكان أفضل مما كان.

عن حياة حالية.

هل تعجبك حياتك الآن؟
لا.

هل أنتِ راضية عنها؟
لا.

هل لو كتب لك إعادة أوراق حياتك وكتابتها، هل ستغيرين فيها شيئاً، ماهو؟
لا.

بعد منتصف الطريق للنهاية، أعتقد أنني هذه الآن، أنا بكل تفاصيلي المرهقة والباهتة والمتقلبة، بكل أفكاري السوداء والقاتمة والمعتمة، أنا بكل تعبي وبذلي ومحاولاتي، بكل لحظات اليأس الطويلة الممتدة بي ولحظات الفرج، أنا بكل صغيرة وكبيرة، أنا بكل سطحية وعمق، أنا بكل إكتئاب وهوس وريبة، بكل بساطة ونية حسنة وفكرة خالية، أنا بكل ألواني التي صنعتها.
لا أحبها ولا أكرها، لكننا تعايشنا لمدة كافية لنعرف بعضنا حق المعرفة، لندرك كل الأفكار الواجبة والبعيدة والمستحيلة، بكل الأقدار السعيدة والشقيّة.

حسناً.
ربما في وقت سابق كنت سأختار أسرة صغيرة، وجيران كثر، وأن أكون أخت كبرى، ليسمح لي الوقت ببعض التجارب دون فكرة مسبقة، لتسعنا اللحظات لبعض الدهشة، لأكون الأولى في كل شيء، لأتمكن من الإنطلاق دون تشعب ومسؤوليات، لأكون حرة تماماً وبإمكاني الدلال دون شعور بالذنب، دون أن أرهق أكتاف أبي ولا أزعج أمي بأفكاري المجنونة كما تسميها.
لربما تمنيت أني الوسطى في أسرتي لأكون مخفية تماماً عن الأنظار وأمارس حريتي بكل حبور، لكنت اخترت أن أكون أول من يتزوج من أسرتي لتكون ابنتي أول حفيدة وتحظى بهذه الكرامة، ليكون ابني على اسم أبي ويؤذن في أذنيه.
لتكون كل هذه الحياة التي مضت دوني وتركتني في آخر السباق وأحاول في منتهى الركض والعجلة والقلق ألا أخسر مجدداً.
ومن الحمق أن أفكر في الفوز. مادام كل فوز محقق مسبقاً وكل نجاح مكرر، وكل قصة هي هزيلة ولايلتفت أحد إلا لعنوانها "آخر العنقود".

لكنني لن أختار أن أكون أخرى، فأنا فخورة بنفسي أحياناً بالغ الفخر، وسعيدة بإنجازاتي الصغيرة دون مساعدة من أحد بالغ السعادة، وممتنة لذاتي التي لاتزال تحاول وتسعى بالغ الإمتنان.
ولكل التجارب التي وصلتني منتهي منها تماماً كانت دروس عظيمة.
وكل الأيام التي فاتتني لحظات براقة.
ولعمري البالغ منتصفه كل الحكمة والنتائج المحكمة والأفكار المتوسعة.
له أن يبقى شاهداً على كيف لهذا الزمن أن يدور، له أن يعرف كيف يصبح القوي في منتهى الضعف، كيف يتحول الضعيف لبالغ القوة، كيف تدور الأيام ويتحول الأبناء لآباء والأمهات لجدات وكيف يحمل كل جيل ضحكة وخيبة جيله السابق.
شاهد على الصفات الوراثية واللحظات التاريخية وأسماء كل الأبناء ومشاعر كل الأمهات وضحكات البراءة كيف تتحول لتجارب مراهقة ثم تمضي لسن الحب والزواج وتتحول فكرة عن الحب لطفل.
سأكون أنا التي نبتت في أرض واسعة منثورة الأشجار بإنتظار الثمار وموسم الحصاد، نبته صغيرة تعلمت أن تسابق الزمن، أن تلعب بأفكار الكبار وتنمو بحب الطفولة، تلك النبته في زاوية البستان ستنضج وتثمر وحدها مع جيل كامل من الشجيرات التي لاتزال تغالب التربة. نحو النور.

أنا فخورة بنفسي تماماً مثلما أنت فخور بصديقتك أنا.

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

سميح القاسم.

بيروت - "الحياة" 
غيّب الموت الشاعر الفلسطيني سميح القاسم (75 عاماً) الذي ساءت حالته كثيراً منذ أسبوعين، بسبب معاناته من سرطان الكبد منذ ثلاث سنوات.
ولد القاسم في قرية الرامة (فلسطين) عام 1939، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة. وعمل مدرّساً، ثم انصرف لمزاولة النشاط السياسي في "الحزب الشيوعي" قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي.
ويروى أن والد القاسم كان ضابطاً في قوّة حدود شرق الأردن، وفي إحدى رحلات العودة إلى فلسطين في القطار خلال الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعر الركَّاب وخافوا أن تهتدي إليهم الطائرات الألمانية. وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى أن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحين رُوِيَت الحكاية لسميح القاسم فيما بعد، قال: "حسناً... لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لن يقوى أحد على إسكاتي".
ويعتبر القاسم أحد أهم وأشهر الشعراء العرب والفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي عام 48. ويتناول في شعره الكفاح ومعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.
وسُجن القاسم أكثر من مرة، كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والإعتقال المنزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه.
وكان القاسم من مؤسسي صحيفة "كل العرب" ورئيس تحريرها الفخري، إلى جانب إسهامه في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" عام 1966. ولاحقاً عاد للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وأمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدار فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا. وترأس الإتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين منذ تأسيسهما.
وصَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة. وتُرجِم عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية ولغات الأخرى.

الثلاثاء، 8 يوليو 2014

غزة تحت القصف.


بما أن الكل يتحدث عن فلسطين والكل يدلي بدلوه في بئر عميقة ويظهر صورته كمايحب.
وجدت نفسي أفضل من السكوت فحديثي على كل حال يبدو بعقل راجح وفكر أعمق.

عندما تخبرني صديقتي عن الحياة البدائية التي تعيشها، عن صديقة لاتملك أبسط أوجه الحياة "مكيف/ ثلاجة/ غرفة مستقلة/ثلاث وجبات في اليوم/ انترنت"

تلك الحياة الطبيعية، لا أتحدث عن الفرح والشعور بالسعادة بينما يكفيها عدم الشعور بالحزن لتسميه فرح، يكفيها عدم الخوف لساعات لتخبر الجميع أنها تشعر بالأمان.

لا أتحدث عن الغاز، عن الطبخ على الحطب، عن الخبز الذي إن وُجد يعتبر عيد.

فصديقتي من غزة.

كانت تسأل في تويتر عن طريقة إزالة الزجاج من الجرح دون إحداث كارثة، عن طريقة لإيقاف الدم، عن أسئلة طويلة عن الإسعافات الصحية لأنها كما تقول على ثغر.

عندما تسأل عن كل ذلك، وبين كل رسالة وأخرى تتحدث عن القصف مثل سحابة ماطرة، ستشعر بالأسى والحزن، لكنها لاتشعر بالأسى ، فهم من فلسطين. الشعب المعبأ بالحياة. الشعب المعتاد على خوض الحياة والموت في نفس اللحظة.

لا أريد أن تصبح فلسطين قضية من لاقضية له، ليتحدث ويزعج رؤوسنا بكلام طويل وغضب محتدم وتراشق بالكلمات. لكنني لا أحب جداً أن نخذلها بأنه يكفي، قضية أكل عليها الزمن وشرب، والحديث الطويل عن السلام والمصالحة.

لن يكون هناك سلام إلا في قلوب ميتة، فالظلم والقهر والغضب متجددة ولم تكن حصراً على أراضي مسلوبة. على تاريخ يسلب منك ليمنح لغيرك.
ليست القضية فقط أرض مقدسة، بل هناك الحرب الباردة والعاصفة والإعلام والإقتصاد والطب والتعليم. كل هذه حرب.
حتى لقمة العيش تعد حرب.
حتى الماء الواسع في فلسطين أداة حرب.

فإن لم تساند ببعض الكلام الجميل المطمئن لاتزرع اليأس في خلايا شباب تقاوم عن حياتها الضحلة، عن بقايا الدنيا لديهم، عن الكرامة التي لا نعرفها، عن الغضب المتصاعد يغلي في الدم، عن الأفكار الناضجة قبل أوانها.

فقط إلتزم الصمت ولاتحترم القضية لأنها أصبحت عاهرة وقضية كل من لايملك قضية، احترمها لأنه في داخلها في أسوارها تحمل قصص وحكايا حقيقية، عن ناس يقاومون في كل شبر من حياتهم، عن مجتمع كانل يقاوم كل يوم، عن عالم محصورة في بقعة من كل الجهات ومحاربة وممنوعة من العيش لكنها تستمر في النضال، في العيش رغماً عن الموت.
عن عالم يقرأ ويكتب ويدرس ويحب الفلسفة مثلك تماماً لكنك تتفلسف في مزاج هادئ، بينما يتملكهم الرعب جراء القصف.
فقط إلتزم الصمت.

السبت، 14 يونيو 2014

ثقة صيني.




ميزان الثقة العالي لدى البعض، والمنخفض جداً حتى يكاد "يتسدح" لدى البعض، كيف يمكن تقييمه؟

كيف نضع الموازين، ومن خلالها يقيم الفرد ذاته، من غير زيادة أو نقص.

هنا أتذكر صديقة مبدعة رسم، تجد كل لوحاتها مجرد شخابيط، والأفكار المذهلة مجرد أفلام كرتون. ولاتتردد لحظة في تمزيق كل اللوحات في حالة مزاج باردة تعبرها. 

بينما أجد أخرى فخورة بلوحاتها، بفنها الذي لامثيل له، بالأفكار المميزة التي تخلقها، بينما هي رسومات عادية لاتبلغ الحد الأوسط من الروعة. 

إحداهن سرقت ثقة الأخرى، أو أن المرجع الأساسي في الأخير يرتكز على سقف الطموح والنقد. 

بينما أقابل إمرأة في الخامسة والأربعين، فخورة بمسمى شاعرة، وتكاد تضعها لوحة إعلانية فوق رأسها، ولم يتجاوز ديوانها العشرات ولم أستطع إكماله. ليس هذا الأمر المعني بالنقد، الأمر المزعج هو الإغترار بهذا المستوى المنبطح من الأدب، بالرؤية الداخلية للذات. 
بينما أضحك في كل مرة يناديني أحدهم بالأديبة نوف، بأديبتنا، بالكاتبة. ليس إجحافاً في حق نفسي بقدر ماهو سقف عالي وضعته ولم أبلغه.
قد أكون بدأت الكتابة قبل حتى معرفة الحروف، ومارست أدوار صحافية ومقدمة ومذيعة في كل ألعابي الطفولية، لكنني لم أصل لذلك الحد الذي أقول للجميع دون لحظة تردد واحدة نعم معاك الكاتبة والأديبة نوف. 

كل هذه الفكرة المصرة، فجرتها لحظة جلوسي بين يدي الكوافيرة، وتسليم شعري التام ليديها، بينما هي تضحك وتسخر من أفكاري البسيطة عن التسريحات الحديثة، وعن آخر الألوان. بينما لم تتوقف لحظة عن تكرار أنها مذهلة، أنها أعجوبة، أنها نادرة، أن يديها من ذهب خالص. لتقع خصلة من شعري العزيز في نهاية الحديث البالوني على الأرض. 

ماذا بعد. 

عندما كنا نطلب من صديق كاتب، أن ينتقل فوراً من الشخبطة الانترنتية للكتابة المطبوعة، كان متردد للغاية، لدرجة ألقى بأوراقه في نهاية المطاف في الهشيم، لم يكن ينقصه الإبداع، لكنني أظنه أكثر مايخشاه النقد، النقد الذي سلطه على رقاب الجميع. فهو خائف مرتعب من فكرة إعادة سهامه إلى صدره.

قد تكون هذه الفكرة الكبيرة خلف كل تردد، الفكرة الأم خلف إجهاض كل فكرة إبداعية، الفكرة التي تترك الإبداع الحقيقي يكمن خلق القضبان. حبيس الخوف. 

قد أكون أطلت الثرثرة، لكنني توصلت لأمر حاسم، يكفيني جبن. فعندما قررت تغيير لون شعري من الأسود إلى الأشقر بخصلات زرقاء وأرجوانية، كانت تبدو فكرة مرعبة للخروج من إطاري الآمن. بينما تقرر صديقتي في يوم وليلة حلق شعرها على الصفر. لأنها تريد تأكيد وجهة نظر تحملها. لأبدأ في صعقها باللوم والعتاب والتوبيخ.
هكذا نبدو نحن في نهاية الأمر، هكذا نبدو من أعلى جداً، نقوم بممارسة الإستبداد والقمع لأننا لانملك الخروج من وضعنا الآمن. فالتوقف عن التجربة خير من بعض الخسائر، ولاندرك حينها أن بعض التجارب تفتح الآفاق. 

حسناً من اليوم وصاعداً سأمتلك ثقة"بنت كلب"، ولن أتوقف عن ممارسة الحياة بحجة الوضع الآمن. 

السبت، 17 مايو 2014

نم، عليك حلماً طويلاً.


ليست المشكلة أن تستيقظ ثقيلاً على الوطن، المشكلة أن تستيقظ مثقلاً بالأحلام في وطن يقتلها.
نم يارفيقي..
هذه الدنيا مجرد كذبة، قد نستيقظ يوماً في حلم أحد، قد نكون أشخاص اختارهم أحدهم لروايته، قد نكون مجرد لوحة تحلم أن تكون حقيقية، لذلك لازلنا نقاتل، لازلنا نخوض معاركنا الأزلية كل يوم، ونفقدنا كل ليلة، وتظللنا تارة الأحلام بحنيّة، وتارة تنهشنا وتطاردنا الكوابيس مثل لعنة، وتارة نستيقظ في خضم اللاجدوى من الحياة ..
لماذا لازلنا فيها إذن. 
لماذا لازلنا ندور في نفس الفراغ، إحداثيات غبيّة، نقاط مبهمة في مستوى، لامستطيل ولا منحنى. 
لماذا نظن أن حلم قد يمد رأسه للواقع، وأن واقع قد يسمح للحلم بمجالسته، بينما هما ظاهر وباطن الباب ذاته لايلتقيان. 

نم يارفيقي..
مادام في جعبتك قليلاً من خيال.
مادامت الحياة لاتزال تأكل من كتفك. 
مادامت اللحظات حولك وأنت خارجها. 
مادمت لاتهتم بشيء ولا شيء يهتم بك. 
مادمت تركل سنوات عمرك، تدرس، تعمل، تعمل بجد، تعمل بإجهاد، تعمل بتعب، ولايتغير من حولك شيء. 

نم يارفيقي..
وأحتفظ في صدرك بدعاء الأمهات.
سيشق لك في يوم ما سحاباً في السماء. 
أو سيصنع لحظك قوائم، سيمنح أحلامك تذاكر دخول، وسيهدي لأركان أفكارك المعتمة بعض الشموع. 

نم يارفيقي..
وفكّر في الحياة أكثر من الموت.

الأحد، 27 أبريل 2014

كرسي عتيق.. وذكرى حيًة.


كرسي خشبي عتيق في الباحة الأمامية, يقابله مسبح قديم غطاه التراب، أرجوحة يتيمة.
يرمي نفسه على كتف الكرسي ليهتز, يهدهده.. يعود للخلف فتتضح ملامح في ذاكرته، ينحني للأمام فتلمع أصوات في رأسه، تتحرك أقدام صغيرة، فتنبثق من ذكرى جميلة، لتعج الساحة الأمامية بالأطفال، بالموسيقى، يبدو ثمًّة حفلة تفام على غفلة منه، أحفاده يتدافعون من حوله، يتسابقون أيهم يحظى بقبلة أولى، تدب الدماء في أقدامه بعد أن كادت تزرق، تنتعش الطريق من تحته، فتصبح خطواته رشيقة وكأنها على أكف طير، تعيده اللحظات لزوجته، للفستان الداكن في نهاية الحفلة، والتي لايتسنى لها إلا بلوغ نهاية كل ذكرى جميلة، تحيك اللحظة من خلف الكواليس، لأنها نهاية اللحظات الجميلة، فقد تحولت الحياة من بعدها موحشة وكئيبة، والألوان باهتة، والأبناء لايضحكون، والأحفاد لايجدون مايسد جوعهم من القصص.

تخطى عتبة، فسقطت صورة في قلبه، لفاتنة تسير في خجل في ثوب أسود وعقد فضة، كأنها حقيقة بين يديه، زوجته في ريعان شبابها والخجل، تسبقه للداخل، يتخطى المسافات وكأنها أخذته معها في شبابها، يبتسم، يأخذه المطبخ لرائحة زكيًة، يتخطى الغرف حتى يقف على كعك وإبريق شاي..

يشعر بالصورة تعتم قليلاً ..
الصوت يضعف ..
أمه تصفعه بقوة ليستيقظ من ضربة شمس.

الثلاثاء، 22 أبريل 2014

طعم الطين.


صديقة لفكرة سمراء، لنقوش رمادية، لصندوق فضة عتيق، لشال كشميري مزخرف، لصندوق موسيقى قديمة. لكل الحنين على هذه الأرض، لكل الأوهام تأكل من أيامنا، أيام. 
للأرق في ليلة كئيبة، للقلق في نهار متبلد، في هدوء يسبق العاصفة، في "الله يكفيني شر الضحك". 
في كف الليل، صوت الشمس، نحيب الشجر، ووحدة كهف بارد. 
في صحة الأيام العابرة.
في صحة تلك الأيام .. 
في خصر نحيل، وظهر مستقيم، وأفكار فاتنة، عن أكتاف عارية للقبل، وعنق ممتدة لإحتضان، وخطوات متمايلة للسكر..
عن ضحكة تبث الحياة، تمتد فتخضر البساتين وتزهر الأشجار، وتتحول اللحظات لغابة.
عن ظهر ممتد يتقوس، وسمرة لامعة تجف، وأصابع تتجعد، وأفكار تصبح ضيّقة وكالحة.
والأيام الممتدة تنحني على نفسها، بالكاد تتنفس، وكلمات اللغة السحر تتحول لتعاويذ مفزعة. 
والخوف في القفص الصدري يجوش، الخوف يمتد ويكبر، واللحظات العابرة مثل سياط لامعة في الذاكرة. 
ضربة فتنكمش الروح على نفسها. 
ضربة أخرى فتدمن القرفصاء. 
ضربة فتجهش في البكاء. 
تمر أعوام، وكل عام تتجذر فيها الوحشة، تصل للأرض السابعة، تضحك وهي تتألم، تتحدث وهي صامتة، ولو نزعنا عنها هذه الوحشة، لوجدناها لازالت طفلة في العاشرة. 
لعثرنا على اللحظة الصاخبة، ضحكتها المجلجلة، الأرجوحة وصوتها مرفوع بأغنية، حفظتها عن أمها عن جدتها، وساق ممتدة للسماء تعود بالسعادة، فعصافير تنطلق من أصابع قدميها تغرد، وقوس قزح ينبثق من أطراف شعرها.
تتوقف الأرجوحة عن الحركة، تقف فتاة العشر سنوات على مشارف الثلاثين، تزداد سمرة، تزداد نحولاً، تبرز أضلاعها، تنبت من سيقانها جذور. فتتحول لشجرة، شجرة سدر، شجرة بركة، لكن يملؤها الشوك. 
والأيام شوك. 
واللحظات شوك. 
والعابرون شوك. 
والطريق شوك. 
وطريق العودة مفروش بجهنم. 
هكذا مقدر لها أن تعيش بقلب شجرة.

الأربعاء، 16 أبريل 2014

قبل النهاية.. لنعد من جديد.



للصباحات يارفيقتي هيا, للصباح والجامعة, للألوان تغرق فيها الجامعة, ونحضر نحن بألوان رمادية، لأن في القلب مايكفي من نور ولون وموسيقى.

وتلك الأيام..
حين كنا نصنع زاويتنا الخاصة، بقعة واسعة من علم ومعرفة وأسئلة، أقواس ملونة من الضحك، المواقف الطريفة، التعليقات الساخرة، الدائرة مركزها، المربع زواياه، الرياضيات والبحوث والأوراق والغيابات.

لتلك الأيام..
للقهوة على أطراف بدء يوم بارد، وأكمام طويلة تخبي أكفنا عن الرجفة، والشوكولا العزاء الوحيد لترك السرير في مثل هذا الوقت، عن صمتنا وتأمل الوجوه العابرة، المواقف المحبوكة، قصص الحب المعلقة في كل ساحة وزقاق، ملامح التعجب على وجهك وملامحي الضحك، ثم نعود سريعاً لخيالاتنا النافذة الوحيد في سور من واقع كالح.

فتلك الأيام..
التي كنا ندعو الله أن يفرجها، أن تمضي، أن نخرج بسرعة، أن نمضي ونرى العالم الواسع، العالم الحقيقي، أن ندور في الدنيا، أن نكبر.. أن نتخذ قراراتنا بأنفسنا، أحاديثنا ستتشعب، ستختبئ فينا بعضا الأسرار، ستضاف كمية من الأسماء والعلاقات ..
التي كانت تؤرقنا فيها الهندسة التفاضلية، ويسرق سعادتنا فيها مجرد ورقة إختبار.
التي كنا نضحك من كل من يكرر أنها أجمل أيام حياتهم كانت أيام الجامعة .

لتلك الأيام..
يكبر الحنين الآن ..
فلست بخير مذ آخر رحلة في أروقة الجامعة, لست بخير كما كان الخير معكن، لم أعد أضحك إلا نادراً ولم يعد يمضي يومي إلا لينتهي والسلام، لم يعد هناك كل المساحة الواسعة من الحرية.
حولتنا الحياة لمعترك, لمعركة، لحرب صغيرة، كل حرب تفضي لحرب أكبر, ولاتنتهي..

دارت الأيام ..
والآن نحن في أيام, ستكون في يوم ما "وتلك الأيام" .

الاثنين، 14 أبريل 2014

62"


‏24 أبريل، 2011‏، الساعة ‏04:17 صباحاً‏
 
 
62"
تعال أحدثك عن الملل يارفيق ..
هو ذلك الانسان الذي يسكنك منذ خُلق آدم .
لونك الذي يلازمك ولم تفلح أشعة الشمس في حرقه ..
اسمك الذي لم تختره يوماً ولم تتقبله .
خصلات شعرك , عينك وأنفك , أصابعك , خطواتك المدروسة وكل الأمكنة التي تقودك لها , الملل هنا يا رفيق ..
في رأسي ..
مثل مدينة عتيقة مكررة , حتى السيًّاح فيها يمتلكون تلك الأسماء المكررة والعناوين المعروفة والأرقام المخزنة البالية ..
تلك الأرصفة التي عبرها الجميع وداسها الجميع وعرف الجميع ماذا يكون آخرها..
هي أن ترحل لآخر بقاع الأرض ولم تجنِ من كل الرحيل سوى التعب .
تعب
تعب
تعب..!
لأخطفك من يديك ..لنسكن عقل إمرأة عاشقة وليس قلبها ..
ستعرف حينها كيف يموت كل يوم الملل ..
كيف نصحو على غضبها العارم وصراخها يطرق المدى لأن هاتفها الغبي لم يحمل الصباح ..
ثم نتهادى على لحنها وقت الغروب وهي تفكر أن تمنحه فرصة أخيرة كما في كل مرة ..
ثم يكون الليل حيث نلتقط أنفاسنا ونعدها لرحلة في الصباح .
هكذا من غير أن نستريح ليعاودنا الملل

"لغم" ولد مات.

لغم " ولد مات " .

‏22 سبتمبر، 2010‏، الساعة ‏05:06 صباحاً‏
أريد أن أتحدث كما لم أتحدث من قبل , أريد الصراخ في وجه الجميع كما لم أصرخ من قبل , أريد الكلام دون انقطاع وكأني لم أتكلم من قبل ولا بعد , أريد البكاء بحرقة وشعور حارق باليتمْ داخل كل خلية ..
وعلى الجميع أن ينصت في خشوع , وكأن ما أقوله بكاء فقدْ أو عريضة نعي , ومن ثم عليكم البكاء والترحم ثم الاصطفاف في طوابير لتلقون على حزني الوردْ .
ولن يفوتني في هذا الجمع الغفير أن أكذب ولن أكذب , ثم سأصطنع خيبة الرجاء وكسرة الأمل وفي عيني ستكون دمعة ستبقى إلى انتهاء المشهد معلقة لا تسقط ولاهي تسمح بالرؤية .
الآن سأحدثكم عن مدى خيبتي , عن عمري الذي يعبرني إلى الآخرة وفي كل يوم يمر يمزقني كورقة تقويم أهميتها في موتها , وهكذا أغدو ركام أوراق تقويم لا تحمل في ظهرها أي حكمة ولا أي معلومة تشفع لها بالبقاء محشورة بين دفتي كتاب أو مختبئة في حاملة أقلام , عدى بعض الملاحظات النادرة مطبوعة على بعض منها وبعض الأعمال المؤجلة على أخرى وينتهي الأمر ..إلى الأبد .
.
"هي يو تعال أبكي عنك " ..
وأرمي بكل حزنك على كتفي , فهما لم يتعهدان في حياتهما  سوى حمل الحزن والتعب , ولا تجعل صوت أزيز المفاصل يردعك ولا تعجل , فإنما هو دليل حي ولن يموت على زمن عابر وخبرة كافية , كأرجوحة تقف في العراء تحمل النور والظلام بالتناوب , ترتدي حر الشمس ولا يطبطب نسيم البدر حروقها ولكنه يزيد حروق قلبها حرقة , أترك أشياؤك الحزينة فقط والموغلة في الألم و غادرني إلى حيث يضحكون , ويفرحون ولا يبكون , إلى حيث يعيشون حياتاً هنيئة بلا أدنى غصة ولا أقل وجع , إلى حيث يذهبون دائماَ بدوني , إلى اجتماعات الأصدقاء , إلى اجتماعات الأهل , إلى اجتماعات الناجحين الكادحين , بل حتى اجتماعات الفشل والسخرية منه دوني .
واتركني هنا , في ركن الزاوية أستقبل الأحزان والأتراح حتى ما بعد الثانية , أحصدهم جميعاً لا أنسى منهم أحداً , كما ولا أنسى أن أتبسم , فكلهم بعد حزني عليك وبكائي عنك لا يعدون من الحزن شيئاً , أتبسم , كما ولو أني أجمع ذكرياتي العابرة في صندوق مخملي يضم الصوت والهمس والحركة وعبق حتى آخره بالرائحة , يحوي ماضٍ في داخله دون أن يفرط منه بشيء ومن دون أن يختنق به , كعلبة ألوان معدنية تحمل في داخلها أربعة وعشرون لحظة دون أن تختلط ألوانها أو تختفي الرائحة وأبقى في سري كفرشاة حزن وحيدة , تغتسل كل مرة من ألوانهم لتبقي على سوادها طاهرة .
ولا تشفق علي , فأكثر ما يغيظني الشفقة , تلك التي لا نعي أصلها , وكأنها من بين المشاعر كلها "نَوَر" , تأتي بكل أنواع الرقصات المطلوبة منها ولا تتقن لها رقصة ولا تفكر أن تبتدع , اتركها فأنا أمقتها , وأي إحساس من هذا النوع لأي أحد هو لا يمنحه سوى تعاسة تتضخم لتدفعه لطريق معتم وربما "س س سأنتحر ..!"
وأنام وأصحو لأدرك إنما أنا مسمار علًق على الحائط
"ع / ب / ث" .
شعور قارس بالقلق ..
.
"وفي مثل هذا القلق ..!"
في "حوشنا" , كانت شجرة زيتون معمًرة بعمر البيت , كلما عبرت من أمامها أرتجف حتى أوشك أن أقع , حتى عندما أعبر إلى الأمام التفت نحوها للخلف , أشعر أن عيناها تلاحقني وتلتصق بظهري , وي كأني أسمع في الليل صراخها , مكتظة هي بعالم آخر أسمعه / أحسه / أشمه ولا أراه , وتحوم فوق رأسي استفاهامات بكل أحجامها , تدفعني قصراً لقطع أغصانها , وأخاف من ذلك , أعلم أني لو فعلت لربما آذيتها وأنا على يقين بأن في داخلها شرايين وأوردة , ويسري فيها دم يحتقن في أغصانها فيبدو أخضر , حبيسة تلك الشجرة أنا ولا أحاول فكاكاً ..
إلى فلسطين مع الحب ..
وددت لو حملت في صدري غصن زيتون وحمامة سلام تأكل منه وقبة صخرة خلفها , وتجلجل في أركانه آذان القدس , فأعيش لقضية كل ما سواها لا يعدو كونه عبث ,
فأكتب فيها عنها لها وبها عما بها , فيكون على جسدي جراح حقيقية أبكيها , وعلى أصابعي آثار دم ودموع ترثيها , ولا أكون بهذا السخف , يبحثون عن حرية الوطن ونبحث عن حرية البطن , يتكلمون عن السجون والأسرى والاغتيالات ونتكلم عن المجون و السكارى والاعتداءات , ينقشون الحرف بالمسامير ونكتبه من بين الحرً والحرير .
كأنما نكتب عن نكتة سمجة للغاية ونضحك لها ونصفق في جنازة أحدهم بينما كل من حوله يعيش حالة حزن وصمت ..
وأخجل منهم ومن فلسطين ومن القضية .
فشتًان مابين من يكتب بغصن أخضر وبرائحة الليمون عن من يكتب بأسود تنبعث منه رائحة النفط الكريهة ..
"لا يستوون " .
.
ولا أستوي بأحد , وعندما أفكر في ..
"الفارغون هم الأكثر ضجيجاً ..أضحك ثم أبكي .
 أقرع رأسي فأسمع دويًه يعبر الشارع , وأضرب صدري فيكبر الصدى في جوفي , كأنما أحمل بين جوانبي هواء , لذلك يلازمني الأرق طيلة يومي , فصوت النبضات في داخلي يسبب الصداع مزعج هو وكأنما هي ساعة استبدلت "تك / تك " بـ"دوف / دوف " وقد كنت من قبل أظن السهر لقضية كبرى لم تكشف عن ملامحها بعد ولم يخرج ظني عن الظن الإثم , وما سيكون سهري بعد ذلك سوى أني اعتدت الأمر ..
ما يزال أمامي الحرية في أكثر من قضية أحشر نفسي بها وألوكها كما سبقني قبلي ألف , مثل طلب المساواة بيني وبين رجل ليس له حقوق في الأصل وآخر لا يحفظ من الحديث كله عدا " ناقصات عقل ودين" , وسأكتب عن حلمي في السير حافية القدمين بمحاذاة بحر نظيف وعبق دون أن يصرخ أحدهم بـ"صفر خمسة صفر .." , أمشي بمحاذاته ولا يكبر في داخلي خوف العار والفضيحة وأني قد أقع وقد يكشف عن ساق والذي لن يكتفي من حضر الموقف بمشاهدته بل إنه سيملأ اليوتيوب والفيس بوك والتويتر وكأنه صيد ثمين , فأنفض الحلم بعد أن تحول كله في وطني لكابوس , سأتحدث عن احترام الآخر واشتراط الحدود وأن المجاملة مرة لا تعني الضعف  وأن الذوق يستوجب التعامل بذوق مثله وأطبعها شعارات أعلقها على جميع ميادين الحياة , ليتوقف ربما طلب الرقم من خلال الرسائل عند الاعتذار مني دون أن يردف صاحبه طلبه بـ"من زينك و شايفة نفسك على إيه " , وعندما أخبر أحدهم أن أهلاً بك واعتبر المدونة مدونتك فهذا لا يعني بالضرورة أنها أضحت فعلاً مدونته وربما حتى بيته , فيعزم الصحاب والرفاق في صندوق المحادثة هناك ويكثر التبجح حتى أنسى أنها لي فأستأذنهم الدخول ثلاث مرات عند المغيب وعند الشروق وفي آخر الليل ..
أو ربما أجد في مجال التعليم علتي ونهاية قصتي , فأكتب عن شطارتي وكيف كنت "فري اكسلنت" حتى نهاية أعوامي الدراسية فصباح كل يوم "وعلم ينتفع به " ترن في رأسي ثم أعود كلي بهجة لأني في حفظ الله حتى منذ الفجر وحتى الظهر , واكتشف متأخراً إنما أنا بالون وعبئت بهواء وهذا الهواء فاسد لم يحملني عالياً ولم يتركني أستقر بالأرض ..وما كل شهاداتي سوى شهادات زور , وأشعر أني خريجة التعب فقط وأني بحاجة للبدء من جديد ..
أ ب ت ..
1 2 3 ..
تشير الأرقام مؤخراً أن الوطن جداً مريض وارتفاع حرارته في ازدياد , موبوء هو بالوراثة ومعبأ بالـ"آخ تف " , مغلف بالقرف , ولو عملنا إحصائية على أكثر الكلمات مداولة في السر والعلن بين الأصدقاء والأعداء لوجدناها اللعن كما وأنها في قوقل الفضائح , فانتعل حذائك حتى في نومك ولا تخلع الكمامة سوى عند الأكل ولاتهتم كثيراً فكل الكلمات السيئة إنما هي تلتصق بالخارج ستساعدك على إزالتها قطنه
ووطن لا يرجى برؤه , أقل بكثير من أن أوجع رأس غيري بالحديث عنه , والفساد أكبر بكثير من أنصًب نفسي المصلح.
إذن صه .
كدت أنسى " كل سنة وأنت طيب يا و ط ن " .
.
"الصادق يندم دائماً " .
متى يعرف العالم أن عجلات الحياة ليست سوى التزلف والكذب , وأن الكون لا يسير إلا بعكازي المجاملة والخداع , وأن الجميع لا يمكن أن يبلغ مكانته غير أن يكون له شريك في الأمر أو فيتامين ينهض به ..
ولقد عرفت ذلك منذ النشء , وحاولت مع أول اتهام لي أن أتعلم الكذب , لكنه كان واضح جداً من رجفة صوتي أني أحاول الاحتماء باللغة .
من لعب بالكبريت ..؟ أنتِ ..؟
لا مو أنا ..
من عبث بأوراقي ..؟
والله مو أنا ..
من ترك الباب مفتوح ..؟
والله مو أنا , يمكن مها ..
من خرب التلفون ..؟
مو أنا والله , أنا شفت مها جالسه عنده ..
كنت صغيرة وكانت الكذبات لا تتعدى جدران المنزل , عدى أنها كذبات لم تنضج بعد , مجرد محاولة فاشلة مكشوفة مسبقاً , لكنها تكبر معي , وتنضج أكثر مني , وأصبحت الآن تسابق الريح وتنتشر مثل النار في الهشيم , أظن أني أصبحت أتقن الكذب أكثر من قبل , أصبحت أمارسه مثل التنفس , غدا شيء بارز كملامحي وكأنه شامًة ..
لكن للأسف لا يزال الجميع يتقنه أكثر ولا يزال الجميع فيه أفضل حالاً مني , ولم أعهد على نفسي الرضا والقناعة بالتوسط في الأمور كلها فإما الأمام وإما الخلف , ولأن الجميع اختار الكذب منجاة , اخترت الصدق عبط , فصدقتهم القول كله وبتً لا أتحدث إلا وكأني في فضاء كنيسة وكل كلمة أقولها  إنما هي اعتراف , وفي زمن شحً الصدق حتى بح , "لم يعد يصدقني أحد " ..
.
..تسقط مغشياً عليها , وتصحو حبلى بالموت لا تلده ولا ينفك يثقلها ..
"أم ..هل أنا قضية "
وجئتُ , فعوقبت كما وأن لي يد في الموت القريب والبعيد , كما وأني كارثة أو فساد عظيم يستوجب الدعاء بالفرج , حملت هذا الشعور القنبلة في داخلي , وبدأ منذ سنتي الأولى العد التنازلي , تك تك تك , أعانق الحياة بوحشة الموت الكئيب القابضة على روحي , اضحك في كل مرة وكأنها ستكون ضحكاتي الآخرة , أستقبل الجميع وكأنهم مغادرون حالاً , أفيض بالمشاعر هنا وهناك وكأنها زكاة نفسي تقربني من السلام زلفى , والقنبلة "تك/ تك/تك" , وأنا ملفوفة بالعجل في كل أمري , عيني تراقب الأشياء كلها ثم تغمض بشدة كأنما هي تحفر المنظر في أعماقي , أنت لا تغضب , أنتِ يا لله ابتسمي , أنت حاول أن تفرح وهات أبكي عنك , أنتِ كوني جميلة حتى ترضي خذي عيني و شفتي هاك سترتي التي أدهشتك فقط كوني راضية , هات أحمالك وأوزارك وذنوبك واحتفظ بالباقي من حسناتي , ثم كل ليلة قبل النوم أودع الجميع وأبكي ويدي تشد على القنبلة والقنبلة "تك/تك/تك" .
 إنما أنا فوهة بركان أنذروا منذ الأزل غليانه وقرب انفجاره وعاجزة عن الهرب والفكاك عنه ولا أملك من الأمر سوى أن أقيس كل يوم مسافتي الفاصلة عن الموت , فقط لأني لا أريد الحياة كنت , لأني أجدها شيء تافه ولا يهمني تصدقت بها على كل من يهمني أكثر منها , حتى نفدت .
و  مت ..
و  شبعت موت ..
انتظرت في قبري كل يوم أن يأتي أحد منهم , ولم يأتي أحد.
كل يوم وأنا أتذكر هات حزنك , خذي فرحي , أعطيني همك , أدخل بعد ذلك في نوبة ضحك هستيرية , ثم أضرب الطين من فوقي بغضب وأعود للموت ..
وأموت وأنا أبكيهم و لا أسمع منهم أحد حتى يشاركني البكاء.
في الليل لا أسمع صوت غير احتكاك الطين بالطين, وقنبلة لا تزال في جوفي "تك/تك/تك" , ابتسم لحال الدنيا كيف كان هذا الصوت يؤذيني واليوم حديث مؤنس ..
.
.
.
بووووم ..
ويكون في اليوم التالي الخبر الرئيسي في الجريدة , والعناوين المثيرة في الأخبار , وتتوالد الشائعات , عن لغم ولد ومات , يبدأ السياسيون بعدها في هرج ومرج يخبرون الجميع بأنها مكيدة وإنما هي مؤامرة وقد تكون تجربة تحت الأرض والتي نمشي في مناكبها كأنما نحن حمر مستنفرة , ثم يستلم الوطنيون زمام الأمر ويحيكون القصائد الكذب وينشرون أوراق الخديعة عن وجوب الوحدة وعن كيف يكون افتداء الوطن , ثم يعتزم الشيخ أمره ويجعلها من علامات الفسق والفجور وما هي سوى العقاب والغضب وأنها من علامات انتهاء الكون ثم يخرج آخر ويخبر أنما هي كذب وليست في الدين ولا تمس الدين وأنها قد تكون تجربة اليهود وبني سام و ما هي سوى لعنة العلم الحديث , ويتوالى الحديث وتتفرع الأشياء حوله , ويكثر الكلام حول "لغم ولد ومات" ..
.
وأنا أقبض على العالم أجمع بيد وأجعده كورقة وألقي بها في سلة المهملات ..
تبتسم لي المرآة وهي تنقر أنفي "متى تنتهين من وضع أحمر الشفاه بعد أن أمسكت به قرابة ساعة " ..
هاه , أبحث عن ورقة العالم المجعدة ولا أجدها وأتحسس صدري فلا أسمع دوي وأطرافي سليمة مما يعني استبعاد حدوث انفجار ..
"كنت أحاول جمع العالم في كيس نفايات و و و.."
تضحك ساخرة " لوهلة صدقتك .. يبدو أنك أصبحت تجيدين الكذب " .
أرميها بأحمر الشفاه , وأجمع شظاياها في كيس نفايات وألقي بها في سلة المهملات ..ي بدو أني تخلصت من عالمي .
ويبدو أنه ثمًة انفجار قريب من روحي ,هيأ لي أني سمعت صوت تحطم مرايا  داخلي , أمشي خطوة ولا أسمع سوى صوت ارتجاج المرايا واحتكاك رؤوس الزجاج المحطم ببعض , يبدو أني مسكونة حتى الموت بكمية من الأصوات الحادة المزعجة والتي تتوالد ولا تموت , أخطو الثانية وتعود القنبلة لحديثها المعتاد "تك/تك/تك" , وهكذا أصبحت مزيج من صوت عداد حياة وآخر تهشًم .
.
هل انتهيت حقاً ..
لا ..
"لا وجود لمدينة فاضلة  .."
الآن انتهيت .

انتهينا!.

انتهيـنا..!

‏11 مارس، 2010‏، الساعة ‏12:01 صباحاً‏
الوجع هذا المساء بلا لون ولا رائحة , هكذا يخنقني دون سبب وصراخ , أشعر بتمزق في داخلي أو ربما هو انسلاخ , تعب دون تعب "لا أدري كيف لكنه كذلك بالضبط " , أصح تعريف هو أني عالة على الأحياء منهم والأموات , طوال اليوم لم أفعل سوى أن أهش الوجع من على قلبي بأغنيات وأناشيد قديمة تحمل في داخلها شيء من الطهر الذي ولى هارباً ولم يعقب , الأكواب العشرة من الشاي التي أعددتها لم أشربها, أنا فقط أشغل نفسي بعمل شيء والقيام ببعض مجهود ولو كان في معناه فارغ , يكفي أنني أكرر الحركة والفعل في كل مرة وأصنع في كل مرة نفس الشاي " غباء هذا يكفي " وأنفض الكوب الذي كاد أن يكون الحادي عشر , الفراغ من داخلي ومن حولي كقبر فرغم كونه فراغ لكنه مملوء بالضيق والتعب وأنه يحويني وحدي , أشحن نفسي للقيام بشيء يستحق العناء وبذل مجهودي في أمر يعود بالمنفعة ولو المؤقتة , لأتوقف عند باب غرفتي , أطفئ الأنوار وأغط في نوم يفرضه اليوم الكئيب علي والبرد القارس والألم وحتى الحنين ولكن حتى النوم ولى هارباً ..


*


الأيام تكررت أكثر من اللازم ولا يوم يجيء مغاير وفيه معنى , أعلم أن كل يوم يسلب فرحة بالعيش وفأل بتحسن الأوضاع ويذكي نار التشاؤم والكره , كم يوم وسأستحيل إلى روح سوداء حالكة ونبض بارد وجسد لا يعبأ بكثرة الرماح وغدر الأسنة , حتى الدموع ما عادت ترطب الجراحات , والآهات ما نفعت في فسح المجال لشهيق يليق بي , الدنيا تقف في وجهي مكتوفة اليدين وباكية , يخبرني الجميع أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا هم من أنفسهم , لكنني أقسم أنني عاجزة وأن السلاسل تكبل كل شبر في همتي ويقيني والأغلال تضيق على كل أمل وراحة ..


*


الأشياء لا تأتي من العدم والطاقة لا تتلاشى وإنما تتحول من شكل لآخر , أنا من نفى هذه النظريات , أنا أشعر بالعدم ينخر كلي ويعيد الكرَّة في اليوم مئة مرة حتى عدى على كل الطاقات التي خبأتها أو أذكيتها , حتى الأشياء التي أجلتها للعدم أجلتها أخرى لما وراء "لا أعلم ..؟", لكن الانتحار لا يشكل فارق لدي الآن فأنا قد أكون أعيش ما بعد الانتحار بعمر حتى أنني متأكدة أنني ولدت في يوم موتي بلا تأخير ساعة .


*


أمي لما يجب علينا شرب الماء , الماء بلا طعم ولا لون ولا نكهة وحتى أنه لا يفرق لدي , ربما أنا في الحياة مجرد ماء لكنه لا يحصل من وراءه أي ارتواء حسناً قد أكون ماء مالح , ولا أعلم لما توصلت لهذه النتيجة أن الماء يختلط بالدماء فينا وهو الفارق بين أخي خفيف الدم والمدمن على الماء وبين أخته أنا والذي أمتنع كلياً عن التمتع ولو برشفة , أقلب الكوب العاشر من الشاي " ربما فقط لأنه أساسي في تركيب أشياء أخرى وهنا تأكدت أنني عبارة عن ماء فأنا لاشيء بالنسبة لي وأكثر من معنى لغيري" ..


*


لا أدري فعلاً ما دخل الماء في حديثي الميت هذا , قد يكون محاولة لإنعاش الحرف المخدر هنا والمغشي عليه من الضيقة , هل فاق ..!
لا يهم فبه وبدونه سأكمل الحديث عن الحاجات التي تأتي ناقصة بين الفرحة والحزن والتي نفقد معناها , تلك الحاجات التي لا يمكنك معرفة إحداثياتها حتى في الفراغ العاطفي , هي موجودة ومملة بشكل باعث على انتحار الملل نفسه , تجيء فقط لتربطك من أملك , أكرهها جداً , وحياتي معبأة على الآخر منها وتفيض , هي الكائنات الوحيدة في حياتي والتي تتكاثر بشكل هستيري "وحيدة الخلية" , ألا تتكور مع البرد وتلتف حول نفسها تختنق فتموت؟ أو تدخل في سبات شتوي أو أن الشتاء هو ما يغريها بالتكاثر في روحي ..


*


روحي*
أشعر أنها تتآكل من أطرافها , أشبه بورقة بيضاء ناصعة من دفتر العمر وأشعلت النيران في أطرافها تغتالها , تحرقها وببطء تتمدد , يلسعني الشرر في أطراف أصابعي "هذه التي تكتب " , ويلطمني على خدي ويقفز صارخاً في وجهي نافخاً كيراً في عيني ( أنتِ أضعف كائن قابلته في حياتي , كائن بلا كائن حي داخله , مجرد هيكل فارغ من كل شيء عدى الكثير من الزينة حوله , يقترب من أضلاعي ويقرعها " أنصتي " ما هنا فارغ تماماً حتى من رئة وقلب * أتنحنح , "حسناً ما هنا قد يكون نصف قلب فقط " , حتى أني فقدت الحماس في إحراقك ونزع روحك والتلذذ بالمعاناة في غرغرتك ) , أؤكد لكم أنه جرحني بحديثه في نصف قلبي الباقي ..
هو صادق للغاية , فأنا أشبه بمن جعل محطات القطار مرتعه فلا هو يغادر ولا هو يرجع , أشبه بمن استكان بصحبة كرسي الانتظار ونسي أمر الانتظار وماذا ممكن أن ينتظره .


"لا جديد" * وتصرخ فيني صديقتي متى كففت عن إلقاء هذه الكلمة في كل لقاء ومقابلة سيولد جديد بإذن الله فقط عودي لرشدك / "إذن لا جديد" .


*


أحدهم سكب الحقد في داخلي حتى أشك أنها سنة واحدة فقط و ستنمو به لي أنياب وتترعرع الأظافر , أحدهم يوشك أن يوقظ الوحش الساكن في ويغذي شيطاني , بعد أن امتدت يد كل أحد منهم بمعاول وعصي واجمعوا على تهشيمي وإغراقي في منتهى التيه وحزن , أقول لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء *
لأعيد من جديد تكويني وصياغتي ..






*
ليش ما قلتي با الأول ترا ها الرحلة قصيرة
مهما طال الحب فينا اعتبرنا ما ابتدينا..
آآآآآآهـ لو قلتي با الأول قبل لا تغرق تعلم
لو قلتيلي با الأول قبل لا تغرق تعلم ..
فكانت إحدى الأغنيات التي أهش بها على وجعي ..!

استوصوا بالثقافة خيراً."بين فكي الإعلام".

 يعمل الإعلام في الوطن العربي عمل المنفاخ , وبعض المثقفين مجرد بالونات يتناسب حجمها طردياً مع كمية الثناء , مجرد لوحات فارغة يجمَّلها الإطار , إنما هي بضاعة كاسدة تلفها الخديعة الدعائية من جميع الجهات كمرايا تكبير من جميع الزوايا ..


ننصدم بهم في الوسط الثقافي كل مرة , وكل مرة نكتشف أن الحراك الثقافي كغيره يعتمد على الذكاء الإجتماعي وعلى الواسطة وعلى الشللية وعلى امدحني وامدحك , فتحول النقد البناء من بناء الفكرة لبناء الكاتب نفسه , لمجرد ديكور لإظهار الكتاب وتمييزة عن غيره أياً كان مستواه .


أسماء كبيرة في الوسط الإعلامي هم كذلك , اسماء كبيرة فقط لأن الإعلام كان في صفها ولأنها تحب الشهرة , لأنها عملت ما يطلبه الإعلام بالحرف الواحد بضمير ميت , لذلك منحها أكثر مما تستحق بمراحل .


وعندما أقول ذلك لايحضرني سوى اسم بارز وهو "تركي الدخيل " الذي لايعتمد على قدراته الكتابية بقدر مايعتمد على لفت الأنظار , وكل مقالاته مجرد ضجة إعلامية تدخل ضمن إطار "مع الخيل ياشقرا" , كاتب كل نص له مختلف عن مستوى سابقه في تخبط واضح والمتابع بالقراءة سيتأكد كلياً أنه يمارس السرقات الفكرية وربما الكتابية وربما يتضح في يوم ما أنه يشتري نصوصه من دم بعض المبتدئين والناشئين الباحثين عن الشهرة مثله .


أتمنى أني لا أبالغ وأنني لم أظلمه في شيء , لكن القارئ والمتابع سيعرف أن كل نص لتركي الدخيل هو قائم بحد ذاته وكل حرف هو منشق عن الآخر كلياً ولا تجد في كل مقالاته مايشير إلى كاتب واحد وقلم واحد سوى كلمة تحاول الإقرار " المغفور له " في استخفاف واستظراف غير مقبول منه , استغرب كلياً في المستوى الفارق بين مقالاته من جهة وبين برنامجه من جهة أخرى , لكن الرابط بينهما سيكون بكل تأكيد الضجة الدعائية والسباحه مع التيار إن كان سلفي ستجده سلفي حد النخاع وإن كان ليبرالي ستجده ليبرالي ليس في ذلك شك وإن كان إرهابي ستعرف أنه يحمل في جيناته بعض إرهاب ..

تكفيك زيارة بسيطة لجريد الوطن لتعرف أن هناك كاتب كـ"علي الموسى" ومفروض على الكتابة كـ"تركي" يسترق الحرف .

"سعوديون في أمريكا" تبع ضجة تفجيرات 11 سبتمبر وكأنه خذوا العلم عني بل خذوا الغثاء وكان الكتاب أقل بكثير مما دار حوله , "كنت في أفغانستان" وكأن عند تركي الدخيل الخبر الأكيد , والآن نقرأ عن جداله مع سلمان العودة والذي صادف حدوثه مع إغلاق برنامج حجر الزاوية ومنعه , ذلك البرنامج ذاته الذي في وقت سابق حرص سموه الكريم على الاتصال به وإظهار مدى إعجابه ..

ثورة بنات الرياض ليست عنا ببعيد والتي استنفدت كل طاقات رجاء الصانع الكتابية فلم تعد قادرة على الكتابة أخرى , لكن يُحسب لها إستخدام ذكائها في الظهور فبعضهن تستخدم غبائها لتطل علينا بنسخة مصورة .


أتذكر من بعيد اسم وأتمنى أن لاتخونني الذاكرة , أظنها هيلدا إسماعيل وكتاب أيقونات في الواقع يؤسفني أن أقرأ وأكمل حياتي وأعيش مابقي لي وأنا لم أقل لهذا الكائن "كفى " , أي هراء وهرطقة وصفاقة وكذب تحيكونه وفي الواقع الكتاب أقل بكثير من أن يحدث أي أثر أو أي تشنج وليس من ذلك النوع الذي يبقى أو تفكر في إقراضه لصديق إنه من تلك التي تزين بها سلة المهملات إلى هنا سيكون الأمر طبيعي جداً لكن أن أدخل لأقرأ وأجد صفحات مكتوبة عن هذا الكتاب الذي لم يتجاوز ثلاثين صفحة وتكون بالمئات لأمر محبط كلياً وخاصة أن يكون تحت عنوان كهذا " الحياة اللندنية: إيقونات هيلدا بين الجرأة والإحساس المأسوي. "
لكن في الواقع الكاتبة لاتعرف كيف تكتب قصيدة بقدر ماتعرف كيف تكحل رمشها ..


إلى متى ..؟
إلى متى هذا التضخيم والتكبير الدعائي , السيطرة الإعلامية , الإستمرار في الخديعة , ورغم ذلك الإستمرار في الوضع , وكأن الوسط الثقافي في المملكة يعتمد فقط على خمسة أسماء وتابعيهم وتابعي تابعيهم , حتى أني أجد في المنتديات حرية وعدالة أكثر مما يقدمة الوطن في خارج الوطن الرقمي ..

في الوطن الرقمي حيث تكون قابل للتقويم وللتقرير على الدوام , لن تصل إلى القمة وتستمر فيها على الدوام , ستصل فترة وسيسقطك نجاحك أخرى وستحاول الصعود أخرى , الوطن الرقمي الذي ينتزع الثقة الأبدية منك كل مرة , فتكون عرضة للنقد والتوبيخ والتقريع في أفضل حالاتك ..

هذا أمر والأمر الآخر "أين دور الأندية الثقافية ..؟"
ذلك الدور المحصور في إبراز رؤسائه وخدمتهم والاستمرار في تبجيلهم وتعظيمهم , ذلك الرئيس الذي يعمل كلياً ليس على تشجيع الدماء الجديدة لكن على شفط الدماء الجديدة .
إلى هنا ويكفي ..

السعودية زاخرة وليست حكراً على كم اسم وليست مشروع وقف ثقافي , لا يضر أن يصنع الشخص من نفسه اسم وماركة لكن لنكن أكثر عدلاً ونقول أصبت لمن أصاب وأخطأت لمن أخطأ ..

لنقرأ ليس لأن الأسم كبير كفاية ليُقرأ له وأن الحضور بقربه سينوبك من الحب جانب ولكن لأن الحروف أجبرتك على ذلك

من يأخذني عني؟

.
نحن مجرد عناوين ..
عناوين مختلفه, سيكون من ضمنها العنوان الخطأ والعناوين الضائعه والعناوين التي لانعبرها إلا مرة واحدة بالعمر , وكما كل العناوين على وجه الأرض..سيكون بعضنا طريق للسعادة وبعضنا للحزن ..
وأعلم أي الفريقين أنا !
لذلك ..
سامحوني على ما اقترفه من نكد .

عنوان تائه ..
عندما كنت في وقت ما ابحث عني بشكل جنوني , في اسمي حتى الجد السابع , شجرة العائلة , تاريخ ميلادي حتى الثانية , برجي , حظي , علم النفس , علم الفلك , علم الحيوان .. اعرف شخصيتك من اسمك , من حرفك , من ضحكتك , من جيرانك .. للمتحدثين عني كنت أنصت وكأنهم يتحدثون عن أي كائن بخلافي أنا وللذاكرة كنت أسجل كل كلمة تقال .. كنت أفعل ذلك كله فقط من أجل أن أبيعني , ولم أصدم عندما لم يشترني أحد !

صديقتي تكره المايونيز ..
صديقتي الأخرى تكره رائحة الكاتشب ..
بنت أختي تغطي أنفها من رائحة الجرائد ..
جارتنا لا تأكل الأرز ..
الخادمة لا تحب الحليب ..
وأنا لا أحب أي شيء وفي الوقت ذاته لا أكرهه ..

SMS ..
وصلتني على هاتفي " مادمت لا ترغبي في نفسك لن يرغب فيك أحد " .
وتعاودني سحب الدهشة والتي غادرت منذ سن العاشرة , قبل قليل فقط عرفت من أنا لتلك الدرجة التي لا أرغبها , بـ25 سنة بحث يصل أحدهم إلى النتيجة ولا يكلف نفسه عناء تبليغها بطريقه مهذبة , احترم الحقائق جداً لكنني أحبها تكون مغلفه كهدية ثمينة ثقيله في الوقت نفسه , وكل مرة أحاول فيها معرفة صاحب الرقم " يعطيني مشغول " إلى أن تأكدت أن صاحب الرقم لم يكن سوى "أنا" .
يالي من كائن فظ غليظ القلب انفضوا من حوله .

انتقام مبطن بالشامواه ..
إنها تفعل كل ذلك التوتر بدافع الانتقام , وعندما تصرخ في وجهها أمها هي لاترد الصراخ بصراخ مثله كأي مراهقة لكنها تكتفي بالصمت ثم تظل طوال اليوم ترد بطريقة صامته مثيرة للغضب , الموسيقى الصاخبة , تعمد سكب القهوة , نسيان صنبور الماء , السير حافية على أرضيه لم تجف بعد , تبالغ في ذلك جداً ..
فأحزن ..
كشامواه تم غمرها بالماء ..
أتذكر كيف أصبحت أتهاون في حجابي مؤخراً , الخروج بلامبالاة من دون مسح "الميك أب " , أصابعي الملونة , الكلمات الملقاة على طريقي , الخلخال المخمور في آخر مرة , كلها ترد بصمت على صراخك , ولا أعرف أي انتقام مبطن أحمله لك , غير أني لازلت تلك المراهقة ..

Error ..
لن أعيش في جلباب أمي ..
أمي الطيبة , يشاركنا في قلبها الجميع , تحبنا كما تحب أي شخص غريب من آخر الحياة , كنت أبرر حبها للغرباء والمساكين أنها تشعر بذلك في داخلها , كانت تحاول تظهر الضعف فكنت أقابله بقوة وعنف , فكرهت كل من تحبهم أمي , ناصبتها العداء فأمي يجب أن تكون قويَّة بلا قلب يسع الجميع , يجب أن يكون قلبي الضيَّق جداً موروث عنها , أن تكون نواياي السيئه زرع يدها , حتى قالت لي بحنان بالغ لم أعهده " لا أريدك مثلي تؤجلين حياتك وتقدمين الآخرين عليها .. عيشيها لحظة بلحظة " .
Time Out ..
عفواً أي لحظة تقصدين ؟!

المدينة الضائعه ..
في الواقع هو اسم لمقهى في مدينة جدة ..
دخلته لأعرف أحاسيس شخص ضائع في مدينة ضائعه , كان مبهم جداً " حامض / حلو " ..
جلست في زاوية ثابتة يتحرك من حولها الجميع , يقبل ويدبر , يضحك ويصرخ , يبتسم ويخجل , الجميع يفعل مايفعله الجميع , كان كل ذلك وكأني خارج المشهد المتحرك وحدي المقطوعة الصامته , دخلت باحساس فارغ وخرجت باحساس مبهم !
أتعلم لغتهم ..
هكذا يجب أن أضحك ..
هكذا هم يحزنون ..
هكذا يجب تعلم الواقع على مدينة ضائعه .

.
.

كل تلك العناوين نحن لانعرفها حق المعرفة حتى نصلها , حتى نكون على الطرف الآخر منها سنكون على يقين , حتى نحن لن نصلنا إلا عندما نكون قد وصلنا آخرنا , ..
أنا أعرف من أنا الآن لذلك أعتبرني انتهيت مني , وصلت خاتمتي ..
لم يعد هناك مايثير فضولي داخلي لأبحث من جديد ..
لذلك " من يأخذني عني ! "

الخميس، 10 أبريل 2014

في أبريل .. نحن كذبة.

موعدنا الجمعة..
وعلى حافة الهاوية، هاوية روحينا، كنا نقف جنباً لجنب، ونشاهد نهايتنا.
من بين الحقائق العابرة، نحن وهمنا الذي لازال يكبرعلى الحقيقة، لاشيء آخر غير أننا كنا جبناء.
وماذا بعد؟
لاشيء .. غير أن الوهم يتكئ على روحه حتى يكاد يسحقها، في جوف إطار يبدو كلوحة لامغزى منها، فكرة لفنان ولكنها مشوهة.
ونستمر في الإنحدار..
ربما لأنه ليس أعلى مما وصلنا إليه، إلا أعماق أرواحنا، لذلك يأخذنا الوجع في جولة طويلة، طوال هذه الرحلة كنا نُسرق، قطعة بعد قطعة، حتى وصلنا في النهاية مُفلسين إلا منا.
وماذا بعد؟
انتهينا ..
 منذ متى ونحن مجرد ذكريات، منذ متى ونحن مجرد أناشيد قديمة، منذ متى ونحن مجرد لحظات عتيقة للغاية، منذ متى ونحن أفكار مكررة وجامدة، منذ متى ونحن لانشعر..
لانشعر .. محبوسين في قلعة، القلعة في كهف، الكهف في هوًة سحيقة، ولاتزال هذه الهوًة تسقط.
لن يكون كل إحساس في بيئة مصطنعة..إحساس حقيقي، لن يكون كل شعور في قصة ملفقة .. شعور عميق.
 لذك تهنا من أول الطريق، في غابة بشرية مفتوحة داخل علبة زجاج.
كلنا للعالم الحقيقي .. نكتة.
كلنا في يد العالم الواسع .. دمى.

كنت تقول ذلك، لكنني كنت واهمة.
 الآن فقط أُصدقك.



يترك حياته في مكانها، يبتعد كثيراً .. للخلف أكثر، ينظر جيداً .. يمعن النظر، يحاول أن يرى شيئاً ..
ولايرى ..
يقترب..
لايرى ..
إنما حياته سراب.
يتركني في حياة سابقة.
ويغادر روحه.



السبت، 5 أبريل 2014

وغرق الغرقان أكثر.


يالله صباح خير وخيره، ومحمد ومن ذكره، هناك شاب فاتن، وسيم، مثقف، رسام، شاعر، كاتب، مفكر، يعتقد أن المرأة السعودية وللأسف أنها شيء. وليست كائن مستقل طفش من كثرة مايخوض العالم في أموره.
هل نقول يكفي.

في ظل الحياة الإجتماعية، لن تكون الفتاة جميلة وفاتنة وأبوها شاكوش، وهذا أمر مفروغ منه، في حين يعلق أخي " شوف البنت كيف حلوه مو زي اللي عندنا.. كان رد أبي طيب شفت أبوها".وهذه ثقافة يجب أن تعرفوهاً جيداً قبل كل كلمة ترددونها.

لنترك الجمال جانباً، في حين زيارة واحدة للخارج توضح حجم الشاب السعودي الوسيم، والذي بدأ ينافس الفتاة في التزين، ينافسها في الكريمات والكحل والماسكرا وحتى زيارة الصالونات والتقشير والنتف والصبغ.
لنترك الأمر جانباً، لأنه مقياس للجهل، مقياس للإنحدار، أن يبحث الشخص عن الجمال ويفتقده، أن يهمه المنظر ويتجاهل كل الأمور الأخرى. بينما يكون الأمر وهذا الإهتمام صادر من "كويتب" يلزمه أن يكون أكثر وعياً.

هذا أمر والأمر الآخر، أن يستشهد في مقاله عن المرأة بمرام مكاوي، فهذه شتيمة مبطنة، بينما الهايد بارك تجده السيدة مسؤولية كبرى على عاتقها، فهي لم تجرب حياة أكثر بؤساً من أن تخرج لتلبي حاجياتها بنفسها، نحب نخبره أن بعض العائلات تعيش كلياً على كتف إمرأة، بينما يسقط الرجل من قدرة الإحتمال، تظل المرأة صامدة ليستمر بيتها وأبنائها في العيش، ولا أحب أن أخوض في الأمر وكأن شتم الرجل السعودي سيفي بالغرض، لكن قاتل الله الجهل.

في ظل استشهاداته الغبية عن إختبار الذكاء، لقد طالبت وبشدّة أن تضم أسئلته ضمن أسئلة اختبارات الذكاء، يالله كيف لفتاة ألا تعرف سعر البنزين، الغبية بينما هي لاتقود سيارة، يالله كيف لاتعرف سعر الكدادة خط الرياض الطائف، بينما هي تعرف سعر التذكرة للطيران، يالله كيف يكون الإستدلال على ذكاء المرأة السعودية بمنتهى الغباء.
حسناً في المقابل سيكون قياس معدل ذكاء الرجل السعودي بمعرفته آخر تصاميم إيلي صعب، وكيف تأخذ الخياطة مقاسات فستان سهرة، ومالفرق بين الفاوندشن واللوس باودر.
سيبدو غبياً للغاية أمام مثل هذه الأسئلة التافهة بالمقابل كذلك.

لم تكن صدمتي بالمقال فعلياً، ولم يغضبني أي هراء جاء فيه، مايغضبني فعلاً أن تتحامل بعض الفتيات على المجتمع، ويصفقن له بحرارة، أن يلقين كل شيء على ظهر المجتمع، أن يؤمن بشدة بهذه الفكرة، وكذلك أن يحاولن التبرير.

سعيد الوهابي من أنت.
ليس وكأن قراءتي لمقالك تعني أنك مهم فعلاً، فلقد تكبدت صديقتي عناء إرساله لي وحاولت جاهدة إتمامه.

يالله مساء خير وخيره ومحمد ومن ذكره.

على الهامش.
عزيزتي الفتاة معلومات تهمك قبل التقديم على أي وظيفة، عند تقديم أي بحث، قبل كتابة أي مقال، عند البحث والتقصي عن أي معلومة.
سعر دجاجة الشواية؟

سعر البنزين؟

سعر الكداد بين الرياض ومكة ؟

كيف تطلعين جواز سفر؟

الجمعة، 4 أبريل 2014

ممنوع من الحياة*


ممنوع الإقتراب..
اليوم انكسر الشر مرتين، وتحول لفتافيت أكثر شراً، لكنه رغم كل هذا لايهم.
لم يعد الخير أو الشر أموراً أبديه، فقد نبتسم ونبكي في ذات اللحظة، غير أننا نسرع في السير كل مرة، ثم نعود لأرواحنا العميقة متعبين وبالكاد نتذكرها.
عندما نهوي فقط، سنحاول التشبث بالتجارب المارّة، عندما نشعر طوال فترة مكوثنا أننا مرتزقة، لن نفكر في الحب حقاً ولو لمرة واحدة.
والكرامة غالية يارفيقي، لكنك لن تجدها في جسد قضى عمره في الدفاع عنها، لن تجدها في روح مهزومة، في ظل هزيل ..
ماذا أبقيتم فينا لنا ؟
ماذا تركتم لنا منّا؟
ماذا حفظتم لنا من عزيمة، رغبة، طموح، صمود .. لتمنحوها لنا ونحن في أمسّ الحاجة.

لا شيء ..
فتحولنا لجيوب فارغة، تحفظ البرد جيداً، وتعرف ملامح القسوة جيداً، وتردد الهزيمة عن ظهر قلب.

أنا يالله.



أنا يالله ..

يالله ..
الحديث إليك ضيَّق ولا يفسح ..
الحديث عنك رحب كفضاء ..
والأنس بقربك كلوحة فنيَّة بسيطة ومتقنة , غير أنه فاتني تعلم هذا الإتقان ..

منذ وقت يالله وأنا أنتظر لمسة حانية من فيض رحمتك , تلك اللمسة أريدها بشدَّة وأجهل الطريقة إليها , أن تنظر إلي برحمة وأنت فاعل وأعرف أني من يشيح بوجهه "وأخجل يالله" , أتخبط وأدور حولي حتى أسقط في الخوف العميق ولا زلت كل يوم أسقط ولم أصل حد القاع .

ضيَّقاً حرجاً .. هكذا أنا منذ وقت طويل , لم أجد متسع من الفراغ , كل ما بداخلي حجارة , تهوي بي إلى الجحيم , وكل يوم أعدُّ حبَّات الإيمان الباقية في جوفي , جوفي الخاوي من القرآن ولا أجد سوى القليل الذي لن يبلغني الضفة الأخرى دون غرق ويعصرني الجوع ويجففني العطش ..

الأمواج عاتية والزورق من قش والروح من خيوط معقدة , وكوني من ثقوب فلن أصلح لشيء , ولن يعبرني سوى الماء المالح الذي سيسبب لي الصدأ , ولا أبكي ..

كأنما ماتت الخشية أو رحل الخشوع , كأنما أصبحت المساجد والتلاوات والصلوات خالية من الروحانية , كأنما الملائكة غاضبة هاربة والشياطين تعيث في الأرواح فساداً , أو أنا من مات وأصبحت مجرد دمية خالية تميل بها الرياح , دمية قلبها اسفنجة ويداها من ورق وقدماها من حديد , كورق مهم وغير صالح بعد للإستخدام ..

أصلي أنا يالله لكن لا أصلي كما يجب أو كما أرغب أو كما يصلي أبي , فقط كحركات من غير سكنات "ركوع / سجود / تسليم " وينتهي الأمر , أتفرغ بعدها للفراغ العاتي الذي ينتشل إيماني من القاع , أنا كذلك بإيمان ضعيف أقبض عليه كجمرة لأطفئها , ودائماً ما أُظْلِم .

لم أشعل حروبي مع البشر قط وأشعلتها معك , ولا أدري أهو دليل إيمان أو كفر , لكنني أعلم يقيناً "ورحمتي وسعت كل شيء " وأؤمن " الرحمن الرحيم " , أعرف كلياً بـ"من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذراعاً .." وأحفظ القليل بقلب كان منيب , ويمنيني "التوبة تجب ماقبلها " , وأقف للفرجة على الجموع تصلي وتبكي وتخشع وأنا كخشبة يابسة هشَّة , لا تبكي ..

يغريني الفجر في ساحات الحرم ليس للرحمة الموزعة هناك ولا الخلوة الروحية , لا لصوت القارئ السكينة ولا للأيات ولكنها العصافير عندما تسبح , فأعرف أن بي بقعة من النفاق تمددت حتى أعتمتْ كلياً ولم يعد " الصلاة على الأموات والطفل يرحمكم الله " تشع في روحها فجأة ولن أبكي .

أعرف أني تهت يالله , فساعدني لأجدك , لأتقرب إليك بعيداً عنهم , من دون وصاياهم ولا أوامرهم , دعهم يتركوني في شأني لأعبدك بروحي قبل الجسد , لم أعد أملك الكثير من التحمل لأستمع لنصائحهم المحفوظة ولا تجاربهم الواهنة , فهم بعيد بعيد عني , في صناديق معلبة بأفكار محفوظة ومدروسة , وأنا أريد أن تموت اللغة بيني وبينك وأدعوك بالإشارة .. وأبكي .

يارب .. أنت عارف .
تعرف كيف عاشت النطفة وكيف في صدري مضغة وكيف في جسدي ماتت , والتسبيح والإستغفار والأذكار محاولات إنعاش لم تصنع حياة , و الروح عالقة في شكوكها وأوهامها , في غضبها منك تبكي كطفل لم يفهم القدر بعد , وسؤالها الملح "لماذا أنا ..؟" , سامحني يالله "طفلة أنا لم أتعلم الأدب بعد " .
وسأرضى يارب , فقط ساعدني أن أرضى .


أحبك ,

لنتحدث عن الذنوب قليلاً ..

هل سأكون سيئه عندما أقول أني أحبها , ذنوبي التي لم تتحول إلى ران بعد , الذنوب الحمَّى الطفيفة والتي تجعل قلبي يتعرق ويغسل عن وجهه ملامح التعب , تلك الذنوب التي تكبر في دماغي وأن ربي اختارني للإبتلاء , لأكون تحت امتحان هل أكفر أم أشكر , لازلت في تلك القائمة ولم أصل بعد للشكر العميق على المصيبة ولم أصل حد اللطم .

لكنني في تحسن وكأن قلبي بدأ يتفهم عقليتي المريضه , عقلي الذي يجر قلبي للمهالك وليس العكس , في طريق تربية صارمة منه ولإقامة تجربة ستكون الأولى من نوعها "كيف نحول مضغة إلى حجر " , فلا تجد فتنة إلا وأقحمت قلبي فيها ولا فجوة ضيقة إلا وحشرت قلبي فيها وفي كل مرة يثبت لي قلبي أنه قادر على تجاوز الأزمات والعودة سريعاً لطبيعته الأولى " الصفح والإخلاص " , إنه طيَّب بشكل مزري وباعث على الملل , هل أقول لك أني " غسلت يدي منه " , وأنه في كل مرة يعود ليبتسم لتلك الشفاه التي نهشته أشعر في داخلي باليأس , قلب مرَّوع فعلاً ..
يعرف كيف يغتسل من أدرانه كل مرة ويكبَّر لصلاة الرجاء , بطعم خوف يعرف السكينة والأمن , في رحاب فسيحة طاهرة يسجد ويركع , لكنه لم يعد يخاف الله ذلك الخوف المفزع ولكن خوف المحب العارف بحجم رحمة الله وسعة مغفرته ..

تعرف أن البعض يظن بأن هذا إعتراف خطير ومربك وأن بحوزتي من الكوارث الطبيعية ما يدفع للتقصي والبحث , وأن الذنوب الدافعة لهذا القول كبيرة جداً وستكون بالتالي أكبر من ذنوبهم التي لم تدفعهم بعد للإعتراف , وينسى الجميع أن القلوب مقامات ..

وملخص الحال " الحمدلله " .