الاثنين، 7 سبتمبر 2015

الإستغراق فتنة عميقة.

الإستغراق ما أحتاجه.
بما أني حالياً غاضبة بصمت مطبق، وأدرك أن هذا الصمت ينخر في روحي، ينهش عقلي، فالإستغراق كل ما أحتاجه هذه الظهيرة.
أن أستغرق في كتابة نص طويل كلما شارفت على نهايته بدت لي بداية أخرى، أو قصيدة رغم كوني لا أعرف في الأوزان ولا البحور غير بحر لجيّ وحيد يحمل روحي، فأكتب معلقة حتى لو علقتها في دولاب ملابسي، أو قماش ممتد منساب للتطريز، أفكر في تفاصيل الفتاة التي سترتديه بشغف وأكمل تطريزه، أو تباً لو كنت أعرف للرسم رغم معرفتي الكاملة بالألوان واللوحات ولاتنقصني الفكرة، مثل رسم شاطئ كلما وصلت ساحله ينهار فجأة، حتى يتخطفني محيط، غير الإستغراق المرهق في تنظيف المنزل ونفض الشبابيك وغسل الستائر ومسح الرخام وترتيب الملابس وكي المتبقي منها وإعادة كيّه إن لزم الغضب. حتى يستسلم هذا العنفوان الداخلي العاصف، حتى يتسنى لي الانسياب إلى فراشي في سكينة، حتى ألتحف حلم فضفاض ودافئ عن غد مشرق انتهت فيه كل واجباتي، انتهيت فيه من كل الأعذار المتراكمة، وأبقى وجهاً لوجه مع الكتابة فقط، أنا وهي، دون مخارج للهرب.

اسم حاف وضيّق.

ماذا لو غيرت اسمي، هل سأصبح أكثر حظاً من قبل، ماذا لو اخترت اسماً من حرف واحد، نون أو همزة، هل سيصبح من السهل على الحظ السعيد أن يناديني وعلى السعادة أن تتذكرني.

لحظة جديدة للغاية.

اكنسوا هذا الصباح عني جيداً.
اكنسوا من قوائمي الإنتظار مجدداً.
اغسلوا أكوابي من المرارة.
امسحوا عن أوراقي الكتابة.
لنسمم الملل إن أمكن.
لنزرع للحزن مصيدة.
لنفتح نوافذنا في السقف، ربما ارتاحت عليها سحابة.
لنرمم ذكرياتنا، لربما أزهرت.
لنغني ..
لنرقص..
لنطرد الكآبة.
لنعيد تأثيث الأيام.

ضجيج معتّق.

هذا الضجيج في رأسي، هذا الصداع يحدّق بي.
هذا الملل يحاصرني، هذه اللعنات تطاردني.

وكأنهم لم ينتهوا يوماً ما من حياتي، كلهم محشورين في رأسي، عم حسين البقّال، رمضان الفوّال، جمعه المحاسب، أبله نور بن سلم، إذاعة الصف رابع، كل أول يوم دراسي، كل مريول مدرسي، كل حصة رسم، كل مخالفة لنسياني الشريطة، غرفة المفاجآت، صديقتي نوره، سحر صديقة نوره، وشايات سحر، نميمة سحر، صديقة جديدة، قصة شعري الجديدة، قسم الرياضيات، معدلي كل ترم، أول نص لي، الساخر، جسد الثقافة، مدونة روح، فوضى روح، روح وبوح، نوف الزائد.

ثم يترك الضجيج رأسي ويسكن الوجع قلبي، حزني وبكائي، خيبات أملي المتراكمة، المرض يندس في صدر أبي، أضلاعي، أكتافي، شيب أبي على الوسائد وعلى اللحاف، نتقافز في العمر، نكبر في أيامنا بالسنوات، أياديّه تسند أبي، يدي تسند يدي، أهرع للكتابة، تموت الكتابة، يتضائل أبي، غصة، الضجيج كله من حولي، في المجالس، في الصالة، في استقبال العتمة، وننطفئ.

نتحسن بالخداع، أفكر في الأمل، يسكن الضجيج، إلا من صوت رياح عاتية تطبق على الفكرة الأضلاع.

لماذا بعد كل هذا عدت أحلم.
وكأن الأحلام حق مشاع.
وكأن الأفكار الملوّنة ملك للجميع.
وكأن الأحلام تجسدّها الألآم.
وكأن من واجب الوجع أن ينفث الروح في جسد الحلم يوماً ما.
وكأني سأضحك في الختام.
لربما خبأ القدر الفرح في نهاية المطاف.
وكأن كل هذه السنوات مجرد رواية، سينتهي فصل حزين ليبدأ فصل الفرح، هكذا يقرر الراوي نقل الأحداث من العتمة للنور.
وكأن هذا ممكناً.
وكأن ذلك يغيّر من ملامح الرواية، لنضحك.
لنضحك.
لأضحك على خيباتي.
لأضحك على سذاجاتي.
لأضحك على فكرة تصرّ علي، أن أبقى أحلم.

لاضجيج الآن.
ولا صداع.
لا ملل ولا أية لعنة.
ليس غير الإنتظار.

الأحد، 6 سبتمبر 2015

طريقتي في مواجهة الخيبات.

غالباً بعد كل استنزاف عاطفي أتعرض له، أو إهدار لطاقتي التفاؤلية، أو مايدعى بالخيبة بعد كل محاولة جادة مني للتحسن.
يتحول الكون للسرعة الثقيلة، يتحرك ببطء يناسب فكرتي الموجوعة، تتحول شقتي كلها للنور الخافت، الشموع في حالات الحزن الكبرى، أتمدد على كنبة ملونه مع كل لبس تستدعيه المرحله، قطنيات واسعة وفضفاضه ومستهلكه جداً وقريبة من قلبي مثل صديقة قديمة تعرف تماماً المزاج المصاحب لمثل هذه الحاله، يسند أقدامي الجدار المقابل، رأسي خارج إطار الكنبة، شعري يقف على أقدامه على الأرضية، وأتابع قناة وحيدة بكل إعلاناتها وفواصلها وبرامجها وحتى تشويشاتها حتى تبدأ بإعادة بث برامجها ذاتها مجدداً.
ستكون كل محاولة لإخراجي من هذه المرحلة تشويش عظيم، سيكون كل ترجّي بقلب الطاولة والبدء من جديد كلام فاضي، وكل يد تشد على يدي وقتها ممكن أن تهشمها.
لذلك اترك دائماً لافتة، دعوا حزني يمر بسلام. أو دعوا خيباتي تودعني بطريقة لائقة.

كيف أصبحتِ؟ .. فزّاعة.

ويأكلنا العمر، لقمة عصيّة، لقمة بحاجة لطحن.
وكيفك ياصديقتي؟.
وأرد وقد حصلت على خصلة بيضاء مؤخراً، وكحة دخيلة بين جملة وأخرى، وأصابع فاتنة ترتعش، ومكتبة عظيمة من دون كتب.
لقد أصبحت سخيفة، هشّة وساذجة ويسرقني الكلام، لقد توقفت عن القراءة مذ آخر قائمة كتب مشتركة بيننا، وكذلك الكتابة أخذت تتسرب من يدي، تذكر عندما حلمت برجل ضخم حتى لايكاد يبين رأسه وهو يطاردني بفأس عظيمة وبهدوء يطلب مني قطع أصابعي، كيف خضت كابوساً مريعاً وهجرت الكتابة لاسبوع دون أن أتوقف عن البكاء، بدأت أفقد أصابعي مجدداً، كأسنان لبنية تهتز ثم اقتلعها من بكاء.
لم أعد فاتنة ولم أعد أرغب أن أكون كذلك، وكأن حادثة عابرة قتلت كل شيء دفعة واحدة، أو أن ريحاً عاتية هبّت من شباك لتسرق كل شيء دفعة واحدة، ليست سنوات عمر ولكنها ريح صرصر عاتية.
وأنا عروس النار، دمية الحقل، فزاعة، في حديقة صفراء جرداء، نسي فلّاح أن يريحني من وقوفي قبل أن يغادر، أو أن الموت داهمه دون أن يترك له فرصة فعل ذلك، اقتلعت الرياح في آخر مرة وشاحاً كشميرياً مثبتاً بعناية على أكتافي، وتركتني عارية أمام هذه السنوات .. أعض على أسناني.
فقط هذه خزائن سنوات سبع، لم احفظ فيها ما أدسّه لسنوات سبع قادمة.

لم تجيبي على سؤالي.. كيفك ياصديقة؟
أنا..  فزّاعة.