السبت، 9 مايو 2015

صدر عامر بالموتى.

لأن أبي قبل أن يموت، حمل الموتى في صدره، زحف إليه الوجع من أعمق نقطة في صدره، من أول ميّت عزيز عليه دفنه هناك، انتفض الوجع وزحف الموت حتى امتد لأقصى أطرافه.
أبي الذي مات وهو لايزال يقاوم الموت ولكنه يحن لأمه وأبيه، وأخته وأخيه، وابنته الذي قطفها الموت باكراً في ملامح الثلاثين الجادة.
لذلك انتفض الموتى بوفاته، فتهندمت الذكريات الشاحبه، واصطبغت بالألوان تلك الصور الرمادية، عادت الذكريات الحزينة دفعة واحدة، فنفض الموت، الموتى من على صدر أبي.
لذلك أمي بدأت تبكي أمها المتوفاة قبل أبي بسنة تقريباً.
لذلك ابنة أختي تشعر لأول مرة باليتم في وفاة والدتها.
لذلك أذكر ملامح عمي جيداً وصوته وضحكه ونكاته.
لذلك أتذكر جارتنا التي لم تنجب وكأني ابنتها، وعمتي البعيدة والتي كانت أول موت يهز طفولتي بدموع أبي، لذلك فتحت سرداباً في حداد أبي، لكل الموتى الذين نفضهم الموت عن صدر أبي، ليطمئنوا إلى صدري، يدخلون بكل هيبة الموت وسكينته وآخرهم يدخل بملامح قريبة من الحياة، بخفة البرزخ، ويغلق الباب على قلبي، لقد كانت خطوات أحبها جداً وافتقدها، لقد كان أبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق