الجمعة، 30 يوليو 2021

أحبك بكل طريقة ممكنة.



حتى بالنسبة لكاتبة مثلي، الكتابة تسري في دمها، تسكن روحها، أجد أن كلمة أحبك عاجزة عن تقدير كميةالمشاعر خلفها، الكلمة ضئيلة جداً وكسيحة. 

فعندما أود قول أحبك، أشعر أن إحتضانك أبلغ. 

وكلما فكرت في"أحبك" منك، وددت لو تتحول لقبلة.

وكل مرة أحاول وصف حجم هذا الحب، مثل أحبك قد عيوني، أشعر أني لو قلت بحجم الكتب التي تعكف عليها كل ليلة وحجم النصوص التي تخطر في ذهنك وبحجم الأفكار التي وددت لو قبضت عليها بقلمي لكان أبلغ.

أحبك كلون جديد يتشكل في قوس قزح. 

أحبك كسلم موسيقي يتطاول وينمو ويتفرع ويحوي نوتات جديدة لم تكن من قبل. 

أحبك فتنمو مدينة ريفية في قلبي، ومطر وغابات وأكواخ ورمال ناعمة وشواطئ ممتدة وأغاني. 

أحبك مثلاً فتعبر بي سفينة شراعية، أشرع لها يدي، فتتحرك الأمواج في صدري.. فتتحول الدماء الكسولة في عروقي للركض والضحك والرقص. 

أحبك فأصبح خيل، لاتضرب الأرض أقدامها، فهي تركض وتصهل في السماء. 

هات يديك من حولي، فأحبك لاتكفي وحدها. 


قاحلة.

وكأنما كنت أخوض في سيل من طين، كان هذا الشعور بالتعلق مثل أثقال مثبتة على أقدامي.
كان على الجميع أن يعيش هذا الشعور الثقيل والحزن المكثف مثل ظلال قاتمة وأشجار محترقة ومتراكمة، كغابة شاسعة لكن يصعب السير فيها دون أن تسقط وتتدحرج وتجرح وتدمى وتبكي وتعمى.
هكذا كان علينا العيش مع أم مكلومة وتغط في حزن عميق.
فلطالما كانت بارعة للغاية في تحويل كل مناسبة لحزن وكل شعور لقاتم ومعتم وكل وقت هو مناسب لبكاء مفاجئ.
حتى جاء حزنها الحقيقي ولم يلتفت إليه أحد، كنا قد وصلنا إلى حافة الضجر، من إكتئاب ومن الحزن والبكاء والعويل ومن الشجن والغناء الثقيل.
حتى اصطبغت الحياة بلون رمادي قاحل، هل تعرف معنى رمادي قاحل، يكون بين ظلال وصحراء.
وأنا الآن أملك سيلي الخاص، وغابتي الموحشة، وشعوري الثقيل الطيني اللازب، حتى تحولت لصيغة مثخنة بالعتمة.
أنا سيل تلك السحابة القاتمة، التي غمرتني طيلة سنوات عمري.

الخميس، 29 يوليو 2021

وحيد وملعون.

تطرق الباب بنعومة.

انتبه بعد استغراق تام في الأوراق المتناثرة على الطاولة أمامي وقلم في يدي وقلم آخر مغروس في أذني. انتبه متأخراً لاستيعاب المشهد.

‏ممكن ولاعة؟

‏أنسى سيجارة على شفاهي وأنا أبحث عن ولاعة في جيوبي ثم جيبي العلوي ثم بإشارة منها تردني إلى الطاولة حيث ترتاح ولاعة.

‏ممكن.

‏كنت أظن أن هذه ذروة المشهد الممكن لوحيد وأشعث ومتوحش مثلي. لكنها سحبت الكرسي المقابل وفي حركة رشيقة جلست وقد بدا الاستنكار على ملامحي. لتشير مرة أخرى إلى الكوب الورقي والذي استخدمه لأعقاب السجائر.

‏اوه حسناً.

‏بعد ذلك توقفت عن كوني وحيد. لازلت أشعث متوحش لكنني قطعاً لست وحيد.

‏بينما أنفث دخان مالبورو أحمر ويخرج وهو يسعل ويضع الشماغ على كتفه الأيسر ويفرك لحيته الخشنة. تنفث دخانها بكل نعومة وكأنه يخرج مرتدياً تنورة.

‏لم يكن الدخان منتشراً وحده ولكن يخالطه عطر خفيف مثل باقة ورد منتقاة بعناية. تطفئ سيجارتها الأولى ويفوز عقبها بأحمر شفاه زاهي.

‏أرقب المشهد بسكينة.

 مدركاً بما لا يدع مجالاً للشك، أنني الجانب المعتم في هذه الرواية، الجانب الملعون.

‏تتركني لتعود للمكتب.

‏أعود مجدداً. وحيد وأشعث وأغبر ومتوحش وملعون.

يبقى السؤال الملح في عقلي.

‏هل كنت أهرش ساقي بالقلم بينما أنا مستغرقاً كالعادة؟.

الأربعاء، 28 يوليو 2021

أحتطب ظلاً.

 

صباح الظلال الممتدة.

 وأنا صديقة صاحب الظل الطويل. أحاول تفادي تعامد الشمس لأنتهي من الوصول في نصف ساعة.

يمتد ظلي على الأرض، يصعد من أسفل البناء، يتجاوز الخطوط الفاصلة، يمتد وينكسر ويستقيم، ثم يستقر طويلاً وممتداً حتى يبلغ شباك غرفتي.

يطير ظل وظلين وثلاثة من حافة شباكي.

ظلال أجنحة وظل لريشة تتهاوى في الأفق ثم ظل منقار يطارد قمح. ثمة ظلال تنبت من العدم تتجاوز السور لتنطبع فجأة على بلاط مرقع بالأبيض والأسود. تبدأ كبيرة ثم تنتهي مثلما ظهرت من العدم.

ظل قطة تتمطى على السور. ثم تكمل سيرها ثم تتمطى وهي تراقب ظلال عصافير مجتمعة حول شباكي. لن تبلغهم بالتأكيد لكن يمكنها أن تصطاد ظلاً. لكنها تتمطى الآن وليست في مزاج للمطاردة.

تقرب ذيلها ثم تبعده، يبدو الظل طويلاً تارة وتارة يختفي. مادامت في عين الشمس.

وأنا أتأمل ظلي الطويل. وهو يبلغ شباكي ويزيد. وأنا هنا أجر سلاسل عتيقة موثقة في الأرض.

تنزّ حبّات عرق. تتجاوز الترقوة ثم تنساب إلى مابين صدريَّ ثم تنزّ أخرى وتسقط من منابت شعري وتندس خلف أذني.

تهز ساعة معلنة انتهائي من الوقت المحدد.

أتمدد على سرير قطني أبيض، يقسمه شعاع شمس من منتصفه. من فرجة صغيرة تركتها دون ستار، يتسلقني شعاع الشمس، عند أقدامي في البدء ثم ساقي ثم خاصرتي وكأني أشهد تقسيمي إلى نصفين. حتى يستقر على أكتافي. امنحه أكتافي وأنا أحاول إعادة المشهد.

أصنع ظلال عصافير تغادر النافذة، ثمة ريشة تتهاوى، قطة تتمطى، ظل يبلغ الآفاق وجسد منهك لا يبرح مكانه إلا بكرسي متحرك.

السبت، 24 يوليو 2021

حين حلم أنه يحلم.

 عودة الأحلام تدريجياً 

وكأنه يشعر بالوحدة والخوف والأرق، لم يعهد ذلك من قبل، وهذا هو شهره الثاني دون حلم وحيد، يهش به على حزنه، أو يقضي به على عتمته.

حلم وحيد يستيقظ بعده بمشاعر مختلفة حصاد ذلك الحلم

لكنه غالباً مايستيقظ بحزن ليلة البارحة وقرفصاء اليوم السابق

دون أي حضن.

ينتهي اليوم متشكك في تحوله، قد تكون بوادر الشيخوخة، قد تكون حالة طبيعية لكل من يعبر حياته.

 قد يكون أستنزف في شبابه كل الأحلام الممكنة. قد يكون ضعف بصره يمنعه من الرؤية الجيده خلال نومه أيضاً .. ربما أنه يحلم لكن ثقل سمعه وضعف بصره يمنعه من متابعة الحلم.

خالي من حلم

وكأنه تحول لطبل يفزعه فراغ روحه

يستغرق في نومه على يقظة تامة حتى لايفوته بعض حلم

حتى رنّ المنبه لليوم التالي

استيقظ فزعاً يخبر زوجته "كنت أحلم أنه لم يعد بإمكاني الحلم".