الخميس، 8 يناير 2015

خطبة الجمعة.

خطبة الجمعة..

أحياناً لشدة إغتراب الشخص عن ذاته، ينسى الخير المزروع داخله، لذلك إما يحتاج تذكير أو يحتاج إشادة وتربيت على الأيدي.

الخير لايشمل الخير الفعلي فقط، قد نذكر شخص بأنه جميل فهذا خير، قد نعبر لآخر عن سعادتنا بوجوده وهذا خير، قد نخبر أحدهم أن ضحكاته المصورة باعثة على السعادة وهذا خير، قد نشعر البعض بالإهتمام المفقود وهذا خير، قد نذكر الشخص بروحه الجميلة التي كانت، قد نصنع من الألم سخرية تقزم الأوجاع وهذا خير.

بعد حديث مها عني، "كيف تساوين بيني وبين أطهر شخص عرفته بالساخر"، حديث لطيف وأشعل في رأسي إضاءة خافتة.. جلست بعدها أبحث عن الخير الذاتي، أعرف تماماً أنني لست ملاكاً ولست شيطاناً، لست بمنتهى الحكمة والنبل ولست بمنتهى المكيدة والحسد، لست بمنتهى الأمنيات الجميلة للآخرين ولاأتمنى لهم السوء.. وكما ذكرت من قبل "أنا سعيدة من أجل كل سعيد وحزينة من أجل كل حزين".

لكن لنظن بالنفس خيرا. هذه المرة، لنتذكر الهبات الخاصة لنا من دون البقية، لنتبختر ببعض الصفات النبيلة رغم كل الظروف والتي لازالت، لنتباهى قليلاً ببعض مانملك دون إنقاص لأحد ومن غير إجحاف للذات.

أذكر هذا الحديث تماماً وأنا أتذكر حادثة قبل عدة أيام، عندما زارتنا إحداهن، وعلى غير العادة كان حضورها بالكثير من الهدايا والصواني والتقديمات، كانت تعطيني الأكياس والهدايا وأنا أقرأ الإمتنان والأماني في عينيها.
بعدها فتحت لنا حديث عن ابنتها"سلفتي سابقاً"، قالت أنها منذ ثلاثة سنوات وهي لاتخرج من منزلها ولاحتى لزيارتي أنا أمها، وحالتها مريبة ومتدهورة، وكيف أحضرت لها المشائخ والقراء من دون فائدة.
انتهى الحديث هنا وانتهت الزيارة، جلسنا نستذكر الموضوع واستنكرت أختي الحالة جداً وردت أمي بهدوء وحكمة وعينها لاتبرحني .."ليش ماتكون دعوة صابتها في عسرة". بعدها قالت سامحيها يابنتي.
صدمت من الفكرة، أن الله قد يكون استجاب لي فعلاً، أن الله وأنا في غياب تام عنه وفي غضب وحنق عليه كان يعمل من أجلي دون علمي، وأنه بعد كل هذه المدة جاءت الأخبار بتوكيد أن الله كان يدبر الأمر بعيداً عني.
رغم أني كنت حزينة على حالها لكنني كنت سعيدة بهذه الإشارة الإلهية، وأنه يدبر الأمر بعيداً عنا تماماً، لكنه لم يغفل عنا.
وكان ردي أني لم أذكر أحد باسمه لكني دعوت الله من أرادني بسوء فاشغله بنفسه.

فرغم كل تجاوزاتك، رغم ابتعادك واقترابك، رغم حضورك وغيابك، قد تكون تحمل في داخل بذرة خير، لاتراها بنفسك ويراها الآخر فيك حقيقة لاتغيب.

أقم الصلاة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق