الأحد، 30 مارس 2014

فيأخذنا الظلام في أحضانه.


كل مافي الأمر يارفيقي، أننا معتمين.
رماديون وأشبه بأكوام فحم، وهذا التجمع البليد جلب البكاء، جلب الصقيع، جلب الجوع، جلب العطش.
لذلك غادرتك دون إنذار مسبق، أنا بحاجة لقوس قزح، ولدت في رمادي لعين، لستُ مثلك تصبغت به، كنت أحاول مقاومة إنهاء حياة كاملة دون لون أحمر، أصفر، أخضر، أزرق، دون كلمات لطيفة، تصل للقلب طازجة دون تعليلات.
لذلك تركتك في طريق نهايته حالكة، ومضيت لطرق لا أعرف لها عنوان، لا أملك لها ذاكرة، سرت حيث ينتهي النور، غالباً ماكون جحيم، أو يكون النور سراب، أو مرايا عاكسة. لكنني لم أنتهي بعد.
تعرف!
ربما أجد أطفالاً ملونين، أرواحهم لازالت بيضاء، أعدك ألا ألطخ أياديهم بالرماد، لكنني سأطوف حولهم علّها تشرق روحي من جديد.
تعرف!
قد يكون أحدهم بإنتظاري، يحمل لافتة عليها اسمي، قد يقودني لأيام ضاحكة ومستبشرة.
تعرف!
قد أكون مخطئة، لكنه اللعنة الأمل، لازال يكذب علي وأنا أصدقه، لن يكون الكاذب كاذباً حتى في نطق اسمه، قد تصادفنا لحظة جميلة، تغسل هذا الرماد عني، قد يمنحني الله في نهاية المطاف مغفرة، قد تكون حياتي كلها مؤجلة لأبدأها في الجنة، قد أجد ضحكتي الغابرة مجدداً دون تمثيل.
تعرف!
ربما أعود إليك أدراجي، قد يزداد حينها الرمادي درجة، قد نظلم معاً، قد تزداد شحوباً وازداد سمرة، لكنها ستكون العودة الأخيرة لنبقى للأبد.

تشعل شمعة، يحترق قلب.


هذا الظلام ياقلبها، نشأتك الأولى وأفكارك الأخيرة، صنيعة العمر الذي انقضى على الشبّاك.
مغرم بالتأمل، مولع بالصدى، مؤمن بفكرة ثمّة مخرج من كل مأزق.
إرتيابك المتصاعد، خوفك المباغت، ترددك اللامنتهي، كل ذلك أبناء غير شرعيين  لتجارب غلّقت الأبواب دونك
تبحث عن يد آمنة، عن أم، عن نهاية سعيدة، عن حلم جميل، عن نبضه تعلو وتهبط، ولاتجد غير الظلام ياقلبها، تفتح له ذراعيك، تغطيك الدموع، ثم يكون الهروب الكبير في إعداد النوم.
لذلك يصيبها الأرق، لذلك لم تعد علاقاتها وثيقة مع الصباحات، لذلك يحيط عينيها بقعة ضوء زرقاء.

الجمعة، 14 مارس 2014

شقيقة النوافذ.


في نافذة حلم بعيد، تمد يديك إلي، لكن أكفي مشلولة تماماً. 
أنظر إليك ..
أسمعك ..
أشعر بك ..
لكنني لا أصلك. 

وكأننا في حلمين متجاورين، أبدو لك كما تبدو لي .. أكفي تمتد إليك وأتضرع. 

هذه النافذة تزرع الأفكار، وتحصدنا الشكوك، وبعض الكلمات المعتادة ثم النهاية ذاتها. لذلك نبدأ بالمعوذات، نبدأ بالكف والعين الزرقاء، بالسدر، بالفلق، بزمزم مصبوغ بالزعفران. ومابنا من حسد ولم ينفث لنا في عقدة، كل مافي الأمر تجربة سابقة. 

يعود المشهد مجددا، أمد يدي نحوك، أياديك مشلولة. 

الثلاثاء، 4 مارس 2014

وهذا الليل لايكفي كحبر.





كما لو أن كل هذا الليل، حبر. 
لايكفي عمرك لتكتب، لايكفي صوتك ليصل، لاتكفي مشاعرك لتعبر، لايكفي جسدك ليحب. 
هذا الليل أعظم.. 
صديقي الذي طلب الله أن يمنحه الكتابة مع تنفسه، يدعوا الله أن يمنحه البحر حبر، صديقي الذي يكتب بأقلام ملونه متراصة وكل كلمة بلون، حسب قوتها. لاتنبت الكتابة على أصابعه إلا في حضور الليل كشاهد على جريمة. 
وأنا التي قلت له بصوت عالي " أنت مهووس". أصبحت أكتب في جدران رأسي بطباشير بيضاء، ليس في الليل وحده، حتى تحول هذا الرأس لمجرد حافظة صداع. 
وقلبي الذي تخبرني عنه لوليتا أنه بستان، أحب أخبرها أنه تحول لمنفضة سجائر رخيصة. 
يمنعني الطبيب من القراءة لمدة ستة أشهر، قلت أنها فترة كافية لينبت في شفتي الكلام، منعني من الكتابة فتكسرت سيقان الشجر في صدري، أنّا اقتربت مني ستشم عطن الخشب. 
لكن هذا هو اللوح المحفوظ، الذي كتبني وأنا أقل من فكرة في رأس جدي العاشر، ليباهي بي عشيرته. 

قبل أن تفكر أمي أنني مجرد غلطة، قبل أن يقرر أبي أنني ختامها مسك، قبل أن يحبني عمي، قبل أن يموت عمي الوحيد، قبل أن أكون شيئاً. 
كنت فكرة واسعة بإمكانها تكون ماتريد، لكن كلما زادت أيامي اقتربت من مساحة ضيّقة لاتكفي إلا أن تتمدد فيها وتراجع أيامك قبل أن تكون وبعد أن كنت وهكذا هي الخاتمة. 
ويبقى الليل أعظم من الكتابة، أعظم من أن تفكر، أعظم من أن تشعر بالوحدة.