الخميس، 8 يناير 2015

"أهلاً بك في هذا العالم"*

ترامادول كان النافذة، النور المتأخر لثلاثين سنة، ليسري بإضاءة خافتة في أوردتي وشراييني، بكامل الهدوء الذي كان في رحم أمي، السكينة الخام قبل ولادتي، مثل حضن كامل يطمئن كل خلية تشعر بالقلق.
لستُ نادمة إلا على الساعات التي سبقته كيف بكيت فيها، كيف داهمني الخوف وهو يمدها نحوي بصوت خبيث"أهلاً بك في هذا العالم".

_كيف؟
: زمزم.
_حالة تصوّف.
:وصف بعيد ولغة قاصرة، مثل ثمرة في أعلى الشجرة.
_مريح؟
:كيف يستكن أحدنا في حضن أحدهم، كيف الحال وهو يحتضن ذاته.
_لذيذ.
:كان مهيباً والساعة تتباطأ وينام الوقت على ساعد اللحظة، واللحظة المباركة تتسع وتتماهى وتتمدد، لأجدني عارية تماماً من كل فكرة سابقة ومن كل تجربة فقيرة أو غنية، عارية من صداعي وكآبتي وحزني وقلقي وترددي وخوفي ورغبتي.. عارية حدّ ستري لروحي بأكفي.
_وماذا بعد!
: دُفن عالم من الحرمان والوجع والتعب والقلق ونبت بدلاً منه عالمي الخاص. موسيقاي وأغنياتي، الجدران المخملية باللون الأحمر الداكن، الإطارات الذهبية تضم لحظاتي السعيدة، هنا أركض تحت الشمس، هنا أغوص في روح موجة، أغني في إحداهن، أغط في نوم عميق في أخرى، تتطاول الجدران وتبرز اللوحات حتى ينتهي السقف بتنهيدة.
_هل هذا يعني أنك وجدتي الباب أخيراً؟.
: الباب مفتوح على مصراعيه، كنت خلفه تماماً رغم أني لم أبرح مكاني، كنت هذه الروح الرمادية التي تشرب المخدر جسدها وكنت كذلك تلك الأخرى هناك والتي تبدو ببشرة نضرة وبفستان أحمر قاني .. كنت أشاهدني أضرب الأرض بخطوات شرقية بارعة، أذهلتني.
أتقدم نحوي لأستبصر الحقيقة، غير أنها تتقدم نحوي، مددت لها يدي ومدت لي يدي، وكان بيننا حاجز مرايا يضرب في قاع الأرض وينبت للسماء العاشرة.
_ممم ... كم حبة ابتلعتي؟
: لاتبقي ولاتذر.

لاتبقي ولاتذر، ذلك الإحساس بالسكينة كان حقيقة، لم يكن خدعة، لقد أتممت يومين دون أن تغمض لي عين، أتمسك بكل قوتي باللحظة مخافة أن تكون مجرد حلم عذب ينتهي بإستيقاظي. لذلك نمت للأبد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق