الاثنين، 15 سبتمبر 2014

أشعر بالإزدحام غالباً.


في حوار لهولمز ذكر لشخص يأمره بالتراجع "هلا عدت للخلف قليلاً. أنا أشعر بالإزدحام".

هذا بالفعل الوصف الدقيق" أشعر بالإزدحام".
طوال هذه السنوات هذا هو الوصف، وكأني محاطة فعلياً بهالة دائرية تتمدد مساحتها أو تتقلص حسب حساسيتي النفسية. قد تتلاشى فجأة لتتحول المسافات لمسافة قبلة أو تتوسع حتى تغطي طابق كامل فتحدوني على العزلة.

في حياتي هذا وصف دقيق، وهذه المسافة قد تغتال أشخاص بعينهم تجعلهم محجوزين خارج هذه المساحة مهما قدّموا من تضحيات أو محاولات للإقتراب.

من المزعج للغاية أن يكون الشخص خارج هذه الدائرة من أفراد عائلتك، ستقضي جلّ وقتك في تحاشيه أو النظر للمخارج المتاحة قدر الإمكان في حال حضوره.

هذا الألم جراء الإقصاء والألم المدرك في إقتحام دائرتك الخاصة والحسّاسة.

فقط أعتذر منهم فأنا "أشعر بالإزدحام".

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

مقارنة بين الكاتب دوستوفيسكي والكاتب تولستوي.


عبرني سؤال الفرق بين دوستوفيسكي وتولستوي؟
لتعلقي الشديد بدوستو وكذلك حبي المسالم لتولستوي كان هذا السؤال هاجس. من هو الأفضل.
حتى وصلت لعلاقة متسامحة جداً، بأن كلاهما الأفضل من نوعه.

فعندما نرى أسلوب تولستوي ككاتب مقتدر، ومن طبقة مرفهة وغنية، صاحب بساتين وقصور، طبقة نبيلة. ستجد أنه سيكتب بسلام تام وفي عمق بالغ وشديد ولكن على وتيرة واحدة.
ستجده مبدع في الوصف والمشاهد الجميلة وتصوير المكان والأشخاص، حتى أنك تعرف تماماً كل شخصية كتبها بملامحها وصوتها، ستفتح كتبه وكأنك تفتح فيلم مصور. كل شيء مذكور دون أن ينسى شيئاً، الألوان، الصفات، طريقة المشي، طريقة الكلام، الموسيقى الخلفية، واجهة المنزل.
كل ذلك ستجده ضمن مشهد بسيط كعبور زوج آنا كارنينا البوابة لقصره.

بينما سنجد دوستو كتب في جوع ومرض وفاقه، كتب في غرفة ضيّقة تحت ضغط تسديد القروض، تحت ضغط الأكل والشرب، تحت ضغط العلاج.
كتب وهو مبدع ولكن بحاجة للكتابة، سنجده يكتب بعمق ويأس وحزن وعتمة. سيكتب ببساطة لكن بتعقيد روحي، سيلامس حرفه وشجونه وأحزانه جزء كبير منك، بالإضافة إلى أنه زرع نفسه تقريباً في أي شخصية من رواياته. سيكتب عن شخص ولكنه يعبر عن نفسه بدقة متناهية.
في مذلون مهانون ستجده هو الكاتب والمتأمل والفقير والمحب. ليقف سؤال الأب لابنته عائقاً أمامها. "ماذا يعمل؟ فترد بأنه كاتب. ليضحك ويرد بالله عليك الكتابة عمل!"
سيغرق إذن في وصف الروح والوجع النفسي والعمق الإنساني وسيبرر الكثير من التصرفات لكنه لايملك الوقت ليغرق في الوصف وحياكة المشهد بدقة متناهية. بكل طاقة ممكنة.
سينتج مشهد جميل لكنه سيعتمد كثيرا. على السيناريو وملامح الوجه المعبره.

فقط
لنتوقف عن السؤال من هو الأفضل.

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

لتشلّ الأيادي الجافة، ولنقع في حضن اللحن.




لأن أغاني الطفولة وحدها من يستطيع زرع البهجة في القلب، فهي كذلك  سرعان ماتتحول لكومة حنين وغصة، وكأن تلك الأغاني ابتلعتنا في طفولتنا في عالم الدهشة لتعيد غناؤنا على أسماعنا في هذا العمر القاسي والجاف والمتقشف.
لنسقي الفكرة دموع ونغمرها قُبل.

كأنما نحن كنا فقط في منتهى الفرح واللطف والبهجة والسعادة والحرية في ذلك العمر الصغير. لتتحول الأيام لأسوار ضخمة والتجارب لقيود والخيبات لفيلم رعب.

لاتكبر الفرحة فالحزن أكبر.
لاتكبر الدهشة فالوجع أكبر.
لاتكبر الأسئلة فالأجوبة أفقر.
لاتكبر الضحكات فالإدانات أكثر.
لاتكبر الأحلام فالكوابيس أقدر.

لتحولنا السنوات لكومة قلق وبؤس ويأس وفجيعة. لنتحول لأساسات جيدة وبناء متهالك، لنبقى في أرصفة العمر إشارات خاطئة ونهايات حتمية.

لو كان العمر في القلب فقط، لو كانت دروس الحياة لاتخترق الجسد فتستقر في الروح، لو كانت عقولنا مضادة للفشل والخيبة والهزيمة.
لكانت أغنيات الطفولة هي أغانينا المختارة في كل وقت ولكانت ليديها لمسة ساحرة من الحب.

لتشلّ الأيادي القاسية ولنقع في حضن اللحن.




الاثنين، 1 سبتمبر 2014

عقدة الزمن.


عقدة الزمن. 

كنت مدهوشة تماماً وأنا أجلس مع ابن أخي وهو يقص لي حادثة من الماضي مع ذكر التفاصيل والتاريخ والأسماء. 
وإن سألته عن اسم أو صاحب الحادثة من الممكن أن يسرد لك تاريخ كامل لهذه الشخصية مع التواريخ والوقائع. 
كنت أخبره على الدوام أنه فريد وأنه كان يتوجب عليه اختيار قسم التاريخ والحضارة الإسلامية. 

واليوم كان تعليق أختي بعدما لبست الساعة لأول مرة. أن علاقتي مع الزمن مضروبة. وأن كل هذه المشاكل التي تواجهني لأني أجهل الزمن وأعتبره أمر ثانوي بينما هو عماد الحياة. 

تذكرت كيف كانت معلمتي تشدد علي في كل مرة. نوف الدفتر. الموضوع والتاريخ. 
لينتهي الترم دون أي تاريخ وأي موضوع يحمله الدفتر. كانت درجات الدفتر هي من تخسف بي في كل مرة وأكون الثانية على الدوام. 
هذا يعني أن الزمن ينتقم مني. 

أدرت فكرتي نحو الجميع. وكم يبلغ كل منا من الزمن. بناءاً على حديث أختي سأنظر للجميع على أنه مجرد ساعة يد. 
وسأكون ساعة ثمينة ومرصعة بالألماس ولكن معطلة. 

حتى في عمري كنت كل مرة أقدمه سنه أو أزيده سنه وهنا أتذكر صديقتي وهي تعلق نوف أنتِ أصغرنا ونحن لم نتجاوز الثالثة والعشرين كيف وصلت الخامسة والعشرين. 

لازلت كذلك. قبل سنتين كنت أردد على الجميع أنني خلاص كبرت للغاية وأني تجاوزت الثلاثين. بينما حينها لم أكن في السابعة والعشرين بعد. 

عندما أراجع كل ذلك في ذهني. أشعر أنه ثمّة كارثة. ربما يكون البعد الثالث في فراغي مهشّم. لذلك لازلت غير مرئية لهذه الحياة.