الخميس، 26 ديسمبر 2019

أزمة صداع.


أشعر بصداع رهيب يتضجر في رأسي. يشعر بالملل ويظن أن المكان يضيق الخناق عليه. يحاول بكل قوته الفرار من رأسي.
‏أقبض على أيادي الصداع في محاولة لطمأنته. وأنا أتذكر حديث الداية أم سعيد"راسك منسم.. يبيلك ثلاث كيّات براس المسمار ويغدي عنك الشر".
‏أقبض على أكف الصداع. خشنة وقصيرة وبأظافر حادة. أحاول تلاوة بعض الآيات فيغيب كل الآي وتبقى ((لايكلف الله نفساً إلا وسعها لها ماكسبت وعليها ماكتسبت. ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولاتحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا. ربنا ولاتحملنا مالاطاقة لنا به..))
‏أتحسس رأسي. بحثاً عن مخرج. عن تنسيم أَدخل كل هذا الصداع والشقيقة والانهيار العصبي والتوتر والقلق والعتمة والإكتئاب وسد عليهم الباب. استكانوا لبعض الوقت كحال البدايات والمعرفة. ثم حلّ الضجر. حل الضجيج وشتات الأمر.
‏أحدهم يطرق السقف بشدة حتى يكاد يفزره.
‏وآخر يجبر عيني على العتمة والعزلة.

لذلك اضطررت لحلاقة رأسي بالكامل. بطريقة عشوائية وبيد تهتز. لم تأخذ على حمل ماكينة الحلاقة بعد. كمنجل أحاول ملاحقة الصداع وجزه. لذلك ستجد بعض الخصل الطويلة لأسفل ظهري. وبعض المناطق على الصفر.

تحملني أمي مجدداً لأم سعيد.
‏أم سعيد تخبرني أن براسي تنسيم ويبيله ثلاث كيّات براس المسمار.
‏ثلاث كيّات براس المسمار ويغدي الشر*
‏تقرب دافور صغير وترمي فيه عينه ثلاث مسامير حتى يحمرّ رأسها وربما شعرت  بالحمى هي الأخرى والصداع. ثم تحملها بملقاط ثابت تتحسس رأسي وكأنها تقرأ كف أو تستطلع طالع
‏يرتجف قلبي من فكرة مقابلة هذه النار برأس عار. استسلم تماماً.امنح أم سعيد ظهري
‏بينما تقبض على أكتافي الهزيلة بساقيها. أنصاع لها بكل استسلام كآخر الحروب التي أخوضها. أو أود لو كانت آخر حروبي. اسمع صوت مسمار النار مثل احتراق سيجارة غير أن رأسي طفاية.
‏اغمض عيني بشدة وبقلب يرجف مثل عصفور.
‏تربت على أكتافي. ماتشوفين شر

وفي اليوم التالي:
‏تستيقظ أمي فزعة بينما أقف بأكتاف هزيلة ورأس حليق وضجر تام.
‏"يمَة لاسلمنا ولا غدى الشر"

الأحد، 24 نوفمبر 2019

على وزن صلاة الخوف، جاءت صلاة الوجع

اليوم صليت صلاة أسميتها صلاة الوجع. ربما أكون شخصية مهووسة بالعناوين. أترك عنواناً مناسباً لكل ليلة. وآخر مناسباً لكل علاقة. وعنواناً آخر لخيبة.
‏كنت أتهيب للصلاة وهناك أمر ملحّ لشخص مصاب بوسواس قهري. اعتاد أن يبدأ درسه بالعنوان ويحرص أن يبدأ من أول ورقة. أو فلن يستطيع تجاوز حرف.

‏لكن العنوان لم ينتظر طويلاً حتى يكون واضحاً في ذهني."صلاة الوجع".
‏ذكرت فيها أني موجوعة للغاية. فوق مايمكن أن يحتمله بشر. وأني مذ وقت طويل لم أستند إلا على أكتافي. وأكتافي هزيلة الآن وهشّة.
‏أني كنت ظلاً دائماً. ظلاً ممتداً ومعتماً وصامتاً ولاينتبه إليه أحد. ولا يفكر أن يلمسه أحد.

‏ظلاً مائلاً ومنكسر. يطوف المدينة. بل أنا المدينة العظيمة يكسوها جليد وعتمة ويغطيها ظل مائل ومنكسر. وصوت أزيز حديد كمن ينهدم.
‏موجوعة يالله. من كل بداية بدون عنوان. من حياة تبدأ من الأخير أو تبدأ بالمنتصف. يصيبني هذا الضباب بالعته. بالوحدة. بالسأم.

‏كل ما أعرفه أني راكمت البكاء داخلي. حبسته طويلاً حتى انهار السد. فهذا بكاء معتق. وهذه خيبات لم ينتبه لإثرها أحد.
‏أقرأ في ركعتي الأولى ((قل هو الله أحد)).
‏بعد نوبة بكاء فصلت مطولاً بين ((صراط اللذين أنعمت عليهم))... (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)).

‏بقيت بعد صلاتي في سكينة.أتأمل خطوطاً عريضة مرسومة على السجادة. بدأت تتضح ألوان السجادة وتفاصيل الغرفة رويداً رويداً.حتى ظننت أنها دعوات بالبصيرة مستجابة.لكن سرعان ما أدركت أنه نوراً يتسلل من أطراف الستارة. بخيط من نور ينجح في تجاوز الستائر العنيدةليرسم خطاً من نور طويلاً ومكسوراً
خيطاً من نور يرتاح على كفي. ‏