السبت، 14 يونيو 2014

ثقة صيني.




ميزان الثقة العالي لدى البعض، والمنخفض جداً حتى يكاد "يتسدح" لدى البعض، كيف يمكن تقييمه؟

كيف نضع الموازين، ومن خلالها يقيم الفرد ذاته، من غير زيادة أو نقص.

هنا أتذكر صديقة مبدعة رسم، تجد كل لوحاتها مجرد شخابيط، والأفكار المذهلة مجرد أفلام كرتون. ولاتتردد لحظة في تمزيق كل اللوحات في حالة مزاج باردة تعبرها. 

بينما أجد أخرى فخورة بلوحاتها، بفنها الذي لامثيل له، بالأفكار المميزة التي تخلقها، بينما هي رسومات عادية لاتبلغ الحد الأوسط من الروعة. 

إحداهن سرقت ثقة الأخرى، أو أن المرجع الأساسي في الأخير يرتكز على سقف الطموح والنقد. 

بينما أقابل إمرأة في الخامسة والأربعين، فخورة بمسمى شاعرة، وتكاد تضعها لوحة إعلانية فوق رأسها، ولم يتجاوز ديوانها العشرات ولم أستطع إكماله. ليس هذا الأمر المعني بالنقد، الأمر المزعج هو الإغترار بهذا المستوى المنبطح من الأدب، بالرؤية الداخلية للذات. 
بينما أضحك في كل مرة يناديني أحدهم بالأديبة نوف، بأديبتنا، بالكاتبة. ليس إجحافاً في حق نفسي بقدر ماهو سقف عالي وضعته ولم أبلغه.
قد أكون بدأت الكتابة قبل حتى معرفة الحروف، ومارست أدوار صحافية ومقدمة ومذيعة في كل ألعابي الطفولية، لكنني لم أصل لذلك الحد الذي أقول للجميع دون لحظة تردد واحدة نعم معاك الكاتبة والأديبة نوف. 

كل هذه الفكرة المصرة، فجرتها لحظة جلوسي بين يدي الكوافيرة، وتسليم شعري التام ليديها، بينما هي تضحك وتسخر من أفكاري البسيطة عن التسريحات الحديثة، وعن آخر الألوان. بينما لم تتوقف لحظة عن تكرار أنها مذهلة، أنها أعجوبة، أنها نادرة، أن يديها من ذهب خالص. لتقع خصلة من شعري العزيز في نهاية الحديث البالوني على الأرض. 

ماذا بعد. 

عندما كنا نطلب من صديق كاتب، أن ينتقل فوراً من الشخبطة الانترنتية للكتابة المطبوعة، كان متردد للغاية، لدرجة ألقى بأوراقه في نهاية المطاف في الهشيم، لم يكن ينقصه الإبداع، لكنني أظنه أكثر مايخشاه النقد، النقد الذي سلطه على رقاب الجميع. فهو خائف مرتعب من فكرة إعادة سهامه إلى صدره.

قد تكون هذه الفكرة الكبيرة خلف كل تردد، الفكرة الأم خلف إجهاض كل فكرة إبداعية، الفكرة التي تترك الإبداع الحقيقي يكمن خلق القضبان. حبيس الخوف. 

قد أكون أطلت الثرثرة، لكنني توصلت لأمر حاسم، يكفيني جبن. فعندما قررت تغيير لون شعري من الأسود إلى الأشقر بخصلات زرقاء وأرجوانية، كانت تبدو فكرة مرعبة للخروج من إطاري الآمن. بينما تقرر صديقتي في يوم وليلة حلق شعرها على الصفر. لأنها تريد تأكيد وجهة نظر تحملها. لأبدأ في صعقها باللوم والعتاب والتوبيخ.
هكذا نبدو نحن في نهاية الأمر، هكذا نبدو من أعلى جداً، نقوم بممارسة الإستبداد والقمع لأننا لانملك الخروج من وضعنا الآمن. فالتوقف عن التجربة خير من بعض الخسائر، ولاندرك حينها أن بعض التجارب تفتح الآفاق. 

حسناً من اليوم وصاعداً سأمتلك ثقة"بنت كلب"، ولن أتوقف عن ممارسة الحياة بحجة الوضع الآمن.