الثلاثاء، 22 أبريل 2014

طعم الطين.


صديقة لفكرة سمراء، لنقوش رمادية، لصندوق فضة عتيق، لشال كشميري مزخرف، لصندوق موسيقى قديمة. لكل الحنين على هذه الأرض، لكل الأوهام تأكل من أيامنا، أيام. 
للأرق في ليلة كئيبة، للقلق في نهار متبلد، في هدوء يسبق العاصفة، في "الله يكفيني شر الضحك". 
في كف الليل، صوت الشمس، نحيب الشجر، ووحدة كهف بارد. 
في صحة الأيام العابرة.
في صحة تلك الأيام .. 
في خصر نحيل، وظهر مستقيم، وأفكار فاتنة، عن أكتاف عارية للقبل، وعنق ممتدة لإحتضان، وخطوات متمايلة للسكر..
عن ضحكة تبث الحياة، تمتد فتخضر البساتين وتزهر الأشجار، وتتحول اللحظات لغابة.
عن ظهر ممتد يتقوس، وسمرة لامعة تجف، وأصابع تتجعد، وأفكار تصبح ضيّقة وكالحة.
والأيام الممتدة تنحني على نفسها، بالكاد تتنفس، وكلمات اللغة السحر تتحول لتعاويذ مفزعة. 
والخوف في القفص الصدري يجوش، الخوف يمتد ويكبر، واللحظات العابرة مثل سياط لامعة في الذاكرة. 
ضربة فتنكمش الروح على نفسها. 
ضربة أخرى فتدمن القرفصاء. 
ضربة فتجهش في البكاء. 
تمر أعوام، وكل عام تتجذر فيها الوحشة، تصل للأرض السابعة، تضحك وهي تتألم، تتحدث وهي صامتة، ولو نزعنا عنها هذه الوحشة، لوجدناها لازالت طفلة في العاشرة. 
لعثرنا على اللحظة الصاخبة، ضحكتها المجلجلة، الأرجوحة وصوتها مرفوع بأغنية، حفظتها عن أمها عن جدتها، وساق ممتدة للسماء تعود بالسعادة، فعصافير تنطلق من أصابع قدميها تغرد، وقوس قزح ينبثق من أطراف شعرها.
تتوقف الأرجوحة عن الحركة، تقف فتاة العشر سنوات على مشارف الثلاثين، تزداد سمرة، تزداد نحولاً، تبرز أضلاعها، تنبت من سيقانها جذور. فتتحول لشجرة، شجرة سدر، شجرة بركة، لكن يملؤها الشوك. 
والأيام شوك. 
واللحظات شوك. 
والعابرون شوك. 
والطريق شوك. 
وطريق العودة مفروش بجهنم. 
هكذا مقدر لها أن تعيش بقلب شجرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق