الخميس، 28 أغسطس 2014

ماكان بالإمكان أفضل مما كان.

عن حياة حالية.

هل تعجبك حياتك الآن؟
لا.

هل أنتِ راضية عنها؟
لا.

هل لو كتب لك إعادة أوراق حياتك وكتابتها، هل ستغيرين فيها شيئاً، ماهو؟
لا.

بعد منتصف الطريق للنهاية، أعتقد أنني هذه الآن، أنا بكل تفاصيلي المرهقة والباهتة والمتقلبة، بكل أفكاري السوداء والقاتمة والمعتمة، أنا بكل تعبي وبذلي ومحاولاتي، بكل لحظات اليأس الطويلة الممتدة بي ولحظات الفرج، أنا بكل صغيرة وكبيرة، أنا بكل سطحية وعمق، أنا بكل إكتئاب وهوس وريبة، بكل بساطة ونية حسنة وفكرة خالية، أنا بكل ألواني التي صنعتها.
لا أحبها ولا أكرها، لكننا تعايشنا لمدة كافية لنعرف بعضنا حق المعرفة، لندرك كل الأفكار الواجبة والبعيدة والمستحيلة، بكل الأقدار السعيدة والشقيّة.

حسناً.
ربما في وقت سابق كنت سأختار أسرة صغيرة، وجيران كثر، وأن أكون أخت كبرى، ليسمح لي الوقت ببعض التجارب دون فكرة مسبقة، لتسعنا اللحظات لبعض الدهشة، لأكون الأولى في كل شيء، لأتمكن من الإنطلاق دون تشعب ومسؤوليات، لأكون حرة تماماً وبإمكاني الدلال دون شعور بالذنب، دون أن أرهق أكتاف أبي ولا أزعج أمي بأفكاري المجنونة كما تسميها.
لربما تمنيت أني الوسطى في أسرتي لأكون مخفية تماماً عن الأنظار وأمارس حريتي بكل حبور، لكنت اخترت أن أكون أول من يتزوج من أسرتي لتكون ابنتي أول حفيدة وتحظى بهذه الكرامة، ليكون ابني على اسم أبي ويؤذن في أذنيه.
لتكون كل هذه الحياة التي مضت دوني وتركتني في آخر السباق وأحاول في منتهى الركض والعجلة والقلق ألا أخسر مجدداً.
ومن الحمق أن أفكر في الفوز. مادام كل فوز محقق مسبقاً وكل نجاح مكرر، وكل قصة هي هزيلة ولايلتفت أحد إلا لعنوانها "آخر العنقود".

لكنني لن أختار أن أكون أخرى، فأنا فخورة بنفسي أحياناً بالغ الفخر، وسعيدة بإنجازاتي الصغيرة دون مساعدة من أحد بالغ السعادة، وممتنة لذاتي التي لاتزال تحاول وتسعى بالغ الإمتنان.
ولكل التجارب التي وصلتني منتهي منها تماماً كانت دروس عظيمة.
وكل الأيام التي فاتتني لحظات براقة.
ولعمري البالغ منتصفه كل الحكمة والنتائج المحكمة والأفكار المتوسعة.
له أن يبقى شاهداً على كيف لهذا الزمن أن يدور، له أن يعرف كيف يصبح القوي في منتهى الضعف، كيف يتحول الضعيف لبالغ القوة، كيف تدور الأيام ويتحول الأبناء لآباء والأمهات لجدات وكيف يحمل كل جيل ضحكة وخيبة جيله السابق.
شاهد على الصفات الوراثية واللحظات التاريخية وأسماء كل الأبناء ومشاعر كل الأمهات وضحكات البراءة كيف تتحول لتجارب مراهقة ثم تمضي لسن الحب والزواج وتتحول فكرة عن الحب لطفل.
سأكون أنا التي نبتت في أرض واسعة منثورة الأشجار بإنتظار الثمار وموسم الحصاد، نبته صغيرة تعلمت أن تسابق الزمن، أن تلعب بأفكار الكبار وتنمو بحب الطفولة، تلك النبته في زاوية البستان ستنضج وتثمر وحدها مع جيل كامل من الشجيرات التي لاتزال تغالب التربة. نحو النور.

أنا فخورة بنفسي تماماً مثلما أنت فخور بصديقتك أنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق