الاثنين، 3 سبتمبر 2012

إلخ ..



إلى الأخير..من الأخير ..
أيها العالم الصفري كنقطة في نهاية كل الكلام , "stop"..
 

يجب أن تسكت كلياً عن الكلام , فصوتك نشاز وحروفك مبللة بالخوف والرهبة , معانيك كلها بائسة وساديَّة في الوقت ذاته , وكل مايدور في عقلك هو السوء , وأنا متعبة , والصبر في صدري موجوع يئن , واللوحات في رأسي بذات اللون لذات المعنى , وبعدما ظننت أن الملل صنيعة من حولي , وجدت الملل من معالم وجهي في عزلتي , كغرفة ضيقة مهما تعددت الأبواب والنوافذ ستضل كذلك ..


اليوم صنعت الفصام في فكرة داخل رأسي وغداً ستجعله واقعي , وأنا لا أملك أية أمنية ولا فتات حلم , مولودة من حجر , وكل ما أريده أن لا أفقد عقلي , خذ كل شيء ودعني أفكر , دعني اصنع عالم من خيال تعيش فيه "أنا" حيث الناس طيبون للغاية والأمهات مازلن يحببن أطفالهن , والجدات يمارسن التطريز وهن يفكرن في أصل الحكاية "تلك التي ستأتي لزاماً قبل النوم " , عن الآباء لانراهم كثيراً لكننا نشعر بحبهم كل لحظة , عن أرض لاتزال مخضرة والمطر فيها خير وبركة , عن أشياء مثل الزينة في السقف تدور وتصدر أصواتها الناعمة دون توقف فقط لتجعلك تحلم دون خوف ..
عالم بسيط جداً في التركيب عميق في التكوين , تكون الناس فيه من أسماء ومشاعر لا يوزرات ومظاهر , نكون فيه أحلام تسارع الزمن لتتحقق وهي سعيدة أنها تكبر لأنها لم تدرك بعد أنها ستكون خاتمة .. 


وينتهي الخيال ..
وأتوجع أكثر ..
فقط لو أني لم أحلم , فقط لو أني لم أترك العنان لفكرة  , فقط لو بقيت كما بقي الجميع بنفس الأفكار الموروثة , بنفس الأحلام الجاهزة , دون المزيد من الخيبات , هكذا كما يطلب مني الجميع أن أكون , لو بقيت كذلك لما أصبحت موجوعة الآن ..
ولأعلن مصنع الخيبة إفلاسه منذ أعوام .
.
.
عابر سبيل ..
"طلع حرامي" .
تعرف كيف أصبحت الآن ..
كغريب ..
يبعث وجوده بعد مائة عام على الريبة .
مثل مساء مهما يكن طيَّب القلب لن يأتي سوى حالك ..
موجوعة اليوم أكثر من قبل ..
وجاء الوجع كختام , كمرض لايرجى برؤه ..
كشيء ممتد حدود النهاية ..
كروح مجعَّدة حد الاختناق ستزهق..
كجسد يتهادى على حبل قاطع يشرف على جهنم .
كوجه ضيًّع الملامح ..
فلم يعد يستطيع البكاء .


ككل الأشياء التي تأتي جميلة لكن ناقصة , والنقص كهاوية يسحب ماحوله ليتمدد , وكل ماكنت أحكيه عن العزيمة وعن البقاء للأقوى وعن الأيام كيف ستتفتح , عن العمر كيف في يوم ما سيزهر وكيف ستكون الأحلام حق مشاع للجميع والكون سيصبح أفضل , عن ثقب الأوزون الذي هو مجرد نجمة سقطت أو شهاب حاول الإنطلاق وأن هذا الثقب سيحمل الحياة الأجمل , فربما فتح الكون لنا على شمس أكثر دفئاً وسماء أكثر صفاءاً , كان كله مجرد كذبة , " فلا تعد لتصديقي تارة أخرى " ..


هيا ..
لنخوض في حديث غيره ..
لنتحدث عن القيامة .
عن أشراط الساعة الكبرى ..
عن الكون الذي يتداعى والخرائط التي ملَّت ذاتها ..
عن الماء كيف يحتضن النار بكل شوق ولاتنطفئ ..
عن تلك اللحظة الخاتمة .
عنها تتقدم ونحن نتحدث عن الثورات والمظاهرات والكرامة الانسانية ولم ندركها بعد ..
ولا أعلم لماذا الآن ينتزعني اليأس ..
وأتذكر صديقتي وهي تحدثنا , كان حديث بسيط لم يتجاوز أسطر " أمي من فترة تشتكي من سخونة مفاجئة , كل اللي قلته لها يمكن تكون أعراض سن اليأس لتنفجر باكية (يأس وأنا باقي ماعشت ) " ..
بسيطة .. كلنا يعيش سن اليأس .
والمشكلة في شحَّ البكاء ..
.
.
حياة الماء , لا لون لا طعم لا رائحة , ومهما تنوعت مصادره لايكون سوى الماء "H2O" ولا يأتي سوى بهذه الصيغه , تحت كل الظروف يكون ماء , ولا أظنه في يوم يفكر تغيير نكهته , ولايزال أهم مكونات الحياة .
.
لا زلت ألقي الأكاذيب كعادتي , أختلق الأعذار لفساد الحياة , لكن لاعذر اليوم كلها تأتي متأخرة وواهنة , كلها تكون كماء لا للسباحة ولكن للغرق , افتح بعدها الماء وانزوي تحته وأسأل كيف يمكن يكون طعم الغرق .
كيف يداهمك الموت دون أن يلقي التحية , كيف تدخل في كابوس دفعة واحدة دون حتى أن تفكر متى ستفيق , كيف يكون طعم الموت , كيف يكون العمر فارغ منك , كيف تأتي النهايات فجأة وأنت لم تخض غمار الحياة بعد .
وستعرف طعم الغرق بعد أول شهيق تعبئ به صدرك حال نجاتك .


مابال من ينتقل من غرق لغرق .
لقد ذقت طعم الماء من قبل , مابال الكهرباء كيف سيكون طعمها , أعرف فقط أنه سيكون لاذع في القلب , إذن مابال السقوط من أعلى هل سيبدو طعمه بنكهة التحليق أم بنكهة السقوط , هل الحبل حول العنق سيكون بطعم الغصة , كل ذلك معروف طعمه وقليل منا يعرف طعم الحياة ..
.
.
فقط "أُش" ..
هنا شخص يريد أن يموت في هدوء من دون ألم .
من غير آه ..
فليحترم أحدكم رغبته , وليختار وروده بعناية , أريدها من غير شوك ..
ولتفرحوا له لأنه حقق في موته مالم يحققه في حياته ..


.

وللعالم الصفري "Stop" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق