الجمعة، 14 سبتمبر 2012

قنابل .. تيه..

ياعزيزي حتى الأيام تكسب ملامحها من الوقت, الذكريات تصنع لها ملامح وأسماء وشوارع وحضور أو غياب ..
وهذا هو الجمعه ..
حيث كان مقدر عليه أن يعيش في ضيق منذ السابعه صباحاً وحتى العاشرة , كان هذا الوقت المحدد لهما للحديث دون توقف, الكلام الذي يخرج من غير رقابة, كان هذا اليوم شمعة في ماضيه وأحرقت حاضره بالجملة الآن..
لا أظنها تعاني مثله .. أو ربما ..
لكنه يتحول لرماد منثور على سريره حتى تكاد تقام الصلاة , إلى أن يوقظه للحياة من الموت "صوت والدته" .
كل هذه المده لم ينسى كلمة واحدة أو فكرة مجنونة أو ضحكة مباغته وعفوية ونصوص مبعثرة وكلمات غير مفهومة .. كلمات تكتسب معناها من اللحظة التي يعيشانها فقط معاً..معاناته الحقيقية هي ذاكرته الحديدية .
أكثر مايدفعه للإنهزامية والخيبة أن قد تأخر في يوم لثواني عن الحديث معها, يشعر بالغصة حين يدرك أنه أمضى جمعه كامله دون التحدث معها على سبيل الغضب وأشياء تبدو له تافهة الآن ..
كيف يكون الألم في التفريط .. الخيبة في الإفلات .. الرجوع بخفي حنين من عمر بأكمله ..

" رأسي يدور .. هذا ماتصنعه القهوة الرديئه, والشاي المعتق كارثة أخرى ..حسناً كنت أفكر في الإقلاع عن التدخين لكنني عدت اليوم وهذا مايتركني في غضب وستبدو وجوههم لهذا اليوم غاضبة كذلك .."

أنت ترهق نفسك فقط , ولا أحد يهتم بك, من هم حولك ليسوا بهذا السوء لكن فترة إستراحتك وندبك لـحظك قد زادت عن قوة أكتافهم فألقو حزنك المر وبعض أحزانهم على رأسك وغادروا للفرح ..

أين أصحابك الآن ؟
أين ابن عمك ورفيق دربك ؟
أين هم أولئك الذين أغتصبوا نصيبها من وقتك .. أخذوا بعض لحظاتكم معاً وسرقوك منها ؟
أين الشيخ أبو محمد .. من كان يخصك بحديثه بعد صلاة الجمعة لتتأخر أكثر وتبقى هي غاضبة وينهشها سؤال غبي " هل يحبني حقاً؟"
أين أباك الآن منك , كم حاول نهش هذا الإرتباط وفبركته .. كم وقف في طريق ذهابك ليلقي عليك بعض أوامره الإعتباطيه .. ربما كان يشعر بالغيرة !
أمك فقط من كانت تشعر بقلبك كيف يرفرف وصدرك كيف يتوق وعيناك كيف تبتهج وتضحك .. لذلك كانت تخصك بالدعاء من الثلث الأخيرة كل ليلة "أن يبقيك هذا الحب بعقلك ".

لا أحد .
لا أحد ..
جرب أن تعود لتخبر أحدهم أنك حزين للغاية وبائس وليس على هذه الأرض مايدفعك للحياة , أن الطين يغطي صدرك فغدى التنفس رفاهية .. أنك تغرق في اليأس كل يوم ولاتموت .
الموت وحده من يفتح لك بابه ويغريك لتُقبل وفي كل مرة يلوح طيف إبتسامة منها تدبر .

لاأحد .. صدقني ..
فاشقق هذه الأرض الأم وعد لرحمها , أو فلتدفن رأسك في صدرها حتى آخر شهقة , لتحاول الغرق على خصرها حتى تنطفئ في داخلك الرغبة ويموت الأمل ..

أنت مجرد مخدوع وواهم .
تعيش على أحلام بالعودة والواقع كل يوم يعاكس ذلك ويثبته .
تفكر كل صباح في المحاولة والمحاولة تتعرى كل ليلة وتتغطى بالفشل.
وأنت فاشل ..
ألا يخطر في ذهنك أنها تعيش حياة رغدة كل يوم !
أنها ربما في موسم حصاد لثمار الجنة كل ليلة ..
قد تكون عاهرة سابقة وقديسة الآن " أم وربة منزل ؟"
ربما حاولت الإنتحار مرة ونجحت في ذلك .
العديد من الإجابات لو طرحت في رأسك ولو سؤالاً واحداً " ماذا لو ؟" .

"لاتعرف عني الكثير وأن الحياة أكسبتني مع الوقت طابع لؤم مخملي , يدعونه حسد العامة وأدعوه إنتقام مبطن بالدانتيل .."

حسناً عندما أنهيت سيجارتي البارحة, وتوقفت عند نقطة لم تسعها ذاكرتك , كنت أحاول تأجيل الألم أكثر .. ربما كنت في مزاج سمح وطيب القلب , لكني الآن أسود والنار تأكل قلبي ..
لذلك سأخبرك أنك لم تعد ذو ملامح في حياتها ..
هل تعرف معنى أن تكون مجهولاً .. يعني كأنك لم تخلق بعد .
أنت الآن مجرد دفتر مراهقة مخبأ غير أنك مخبأ في أسفل عقلها, تظن أنها مصابة بزهايمر مما أدى لفقدها بعضاً من ملامح ماضٍ تحبه لمحاولات زراعة حاضر بور . ولكنني أعتقد أنها عاجزة وحيلة العاجز "الإنكار " .
لكنها تستقر بعد الركض كل ليلة لسرير مزدوج وتتحسس ملامح رجل وتعتقد أنه آخر .
في داخلها شعور عميق أنها ليست هي وإنما أخرى ألقى بها القدر في ذاكرة ضحلة, لطالما داعبت صديقاتها " وماذا تنفع ذاكرة في حاضر بليد يسير ببطء كسلحفاة , لقد جاوزت الذاكرة السرعة وأصيبت ".
لكنها تشعر بالموسيقى المحفوظة في جهازها , بعض الكلمات لها معزة خاصة على قلبها , حتى يوم الجمعة لايمكنها وإن طال السهر أن تفوت النهوض مبكراً والقراءة بصوت عالي علَّ هذا الركض يهدأ .
لقد أخبرتها جارتها أن كل هذا كيد ساحر .. فانجرفت قدماها في تيار الوسوسة .

الساعه ال10:30 دقيقة صباحاً من كل أسبوع وفي يوم الجمعة , هي تلتف حول نفسها لتبكي ثم تنام .

عميقاً هي لك ولكن عميقاً أطفأها الوقت .

..
لاتقلق هي بخير . مجدر المزيد من الإنكار والرفض لذكرى والإنخراط في الحاضر .

"أعتذر لك .. صداعي النصفي هو من دفعنا للحديث بقسوة .. ولتشكر الله أنه انتهى دون لكمات وكدمات ."

سنكمل في وقت لاحق .
أعتذر مرة أخرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق