في السابع من نوفمبر.
الساعة التاسعة مساءاً.
عندما عاجلها الخبر، قبل حتى أن تتخلى عن حلم بليلة فاتنةـ عن الدانتيل الفرنسي باللون الدامي، والخبر الذي أدمى قلبها.
سارة .. أنت طالق.
حتى بلقيس فالح لم تراعي فؤادها المفطور وهي تكمل أغنيتها عبر المذياع " لست أدري ياهوانا ممكن أم مستحيل ... آه مستحيل".
لم تكن مصدقة تماماً. ظنتها إحدى مزحاته العابرة، تقدمت خطوتين وهي تضحك .. طالق!
يحضر صوت بلقيس " آه من صرخة صوتي تتوارى خلف صمتي".
يرتفع صوته .. أغلقي المذياع بالأول .
لاتستجيب ..
يقطع المسافات بسرعة، يطفئ المذياع .
يكرر حديثه .. أنت طالق.
كل هذه اللحظات انتهت واللحظات اللاحقة ولم تشعر حتى توقفت أمام منزل والدها .. وهاتفها يرتجف من رجفة يدها.
هاهي في غرفتها التي لم تدم طويلاً مذ غادرتها، بضعة شهور فقط مرًت على زفافها، مسحت عن ملامحها كل أثر لزينة أم أن حزنها من فعل، تبقى أثر لكحل تحت عينيها وكأنها تعلن الحداد، وكيف أن هذه الكلمة فطرت فؤادها بالفعل .. هاهي تتحرك دون شعور بالأسى أو رغبة بالبكاء، كأنما هي تتجول خاوية تماما كجثة، جثة عروس، لم تنفد أفكارها عن الفرح بعد، عن المفاجئات، عن الليالي الحمراء والأيام القريبة من الجنون، لم تبدأ تفكر بعد حتى تنتهي كلها دفعة واحدة وتنهار على رأسها، لكنها انتهت بالفعل.
تبتلع غصة بحجم كل اللحظات الجميلة السابقة وكل الكلمات التي يتردد صداها داخلها.
أنت طالق! .. والسبب؟
تغالب حزنها وتحاول جاهدة إسترداد حياتها السابقة، لكنها لم تعد تعرف كيف، لقد دسً أحدهم يده العارفة تماماً في روحها ودنسها، لم تعد مجرد فتاة ودفاترها وأقلامها وأجمل تصاميمها وفساتينها فقط، لقد دنسها الحب وحولها لهشيم.
مضى اسبوعاً على صمتها، أمها تطوف حولها كمن قُرص. تريد أن تعرف عن هذا الحزن أكثر غير أن تنبيهات زوجها بعدم فتح الموضوع أو السؤال حتى تتركها تطوف في صمت.
تدخل غرفتها باكراً، وتخرج متأخرة، تغلق الأبواب، تفتح النوافذ وتستغرق في الصمت، دون أدنى فكرة.
يستمر الصمت لشهر.. يطلبها والدها للحديث.
طلبتني!
تفضلي.
آمر؟
اليوم بعد صلاة العصر، زارنا أبو طلال، كان يحاول يوضح الموضوع رغم أنه لايزال غائب عن عقلي، طلال طلقك تحت رغبة أمه الملحة.
ويقول عدًاك العيب والنقص. وهذا صندوق الذهب وهذه حقيبة الصور.
خير .. خير..
تغادر وهي تقبض على قلبها, والنقص الذي حدث هنا، بيد من؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق