18
مارس 2020
وددت
لو علمت يقيناً ردة فعل أبي رحمه الله. على هذه الفاجعة بالتحديد.
فلطالما
شعرت أنه يعمل تماماً لمثل هذه الظروف. ربما سيضع يده خلف ظهره وهو سائراً ويردد
بيقين العارف كعادته "كنت حاس".
ربما
سيكون آخر من يغلق أبواب المسجد من خلفه.
ربما
سيقطب حاجبيه ويتمتم في غضب وهدوء في ذات الوقت، بطريقة لا يتقنها غيره. الغضب المبجل والمهيب.
كيف
لطالما عمل لمثل هذه الظروف؟
حسناً
كان دائماً ما يسعى لصناعة وطن داخل وطن. يحاول توفير مستلزمات الحياة الضرورية
حتى ينعم بها آخر حفيد. هكذا اختار مجالات عمله "سوبرماركت ملاصقة للمنزل وفي
يوم ما كانت بباب خلفي يفتح للمنزل حتى تكون متاحة للتسوق حتى في منتصف الليل".
هكذا
هو الأمر.
ثم
قرار امتلاك محطة بنزين ملاصقة للسوبرماركت حتى يمكننا تحت أي ظرف طارئ العيش في
سكينة.
ثم
أضاف لأعماله قاعة أفراح.
تمر
هذه الأزمة وأنا أتذكر أزمة مشابهة لها. أزمة الخليج بصور ضبابية تعبر الذاكرة. بينما
استأجر فيلا كاملة جمع فيها كل أقاربنا من الدرجة الأولى. ثم ملأ المستودعات من
المخزون الغذائي كبقالة مصغرة لكن في
دور أرضي لبيت عتيق.
أكثر
ما علق في ذهني هي فريزر آيس كريم يحوي كل أنواع الآيس كريمات تحت تصرف جيش من
الأطفال بقيادتي.
ثم
تثبيت زجاج النوافذ بأكياس الزبالة السوداء فأخيراً توفير فوانيس تعمل بالقاز
ولازلنا نحتفظ بها حتى اللحظة.
لطالما
كان أبي متأهباً لظروف مثل هذه ليفرد فيها عضلات تجارب عصيبة عاشها من قبل.
كيف
يكون انسان خارق وابتدأ من تحت الصفر في ظروف لايمكن أن يخرج منها كائن حي مستقراً
عدا أن يخرج باستقرار مادي وأسري يكفي حتى جيل عاشر من أحفاده. إلا أن يكون عظيماً.
تخيل
أن تكون عظيماً جداً ثم تعيش حياة عادية لاتستحق كل ماعانيته من تجارب وكل ماحصلت
عليه من دروس ومصاعب خلقت فيك عوالم متزاحمة وممتلئة.
ثم
تلوح لك حياة بليدة وبدون تحديات تذكر. ولاتفرح بظروف قاسية تمكنك من فرد عضلاتك
المعرفية لمواجهة الصعاب.
هكذا
لطالما كان أبي رجل المهمات الصعبة.
ربما
نشأته كيتيم قاسى الجوع والخوف والحاجة ثم بنى وطناً مترامي الأطراف يتركه دائماً
في حاجة ملحّة للسكينة وحماية عائلته من وجع مشابه.
أتذكر
بحكم أني جئت متأخرة جداً. وقد استقرت الحياة بالكامل دون الوقوف شاهدة على ذلك القلق.
ملامح بسيطة من تعبه وشقائه ما تمنحه القصص المكررة وما تغفل عنه كذلك القصص
المكررة. دون أن أتمكن من الطبطبة عليه والشد على أكتافه.
لكن
لطالما تذكرت ابتسامته في كل مرة يسمع (ألم يجدك يتيماً فآوى)
فيشير
إلى صدره وكله رضا.
(ووجدك
ضالاً فهدى) وهو يقر بأنه لأربعين سنة لم تفته تكبيرة الإحرام.
(ووجدك
عائلاً فأغنى)وفي كل مرة يستشهد بقصة من جوعه وصبره ويتمه دون أن تنتهي قصصه أو تبلى.
وهو
يكرر "فلان يوم مات سعد يقول وش نفعته فلوسه فيه ما يدري أن اخوي سعد كافل
أيتام وفاتح بيوت".
وبذلك
خلق سقف عالي جداً للتطلعات. عائلة كبيرة وأعمال ناجحة ورجل أعمال من الصفر ثم
زوجة ذكية ومساندة وأبناء أذكياء وشغوفين واستقرار مثالي. وتسبيح وذكر ودهاء وردود
قاصمة. ثم اعتداد بالنفس مع تواضع.
سقف
عالٍ انقشع كلياً بوفاته.
لذلك
اختلت الموازين في عائلتي حتى فقد الجميع اتزانه. وددت لو علمت يقيناً ردة فعل
أبي"رحمه الله" على هذه الفاجعة بالتحديد.
فلطالما
شعرت أنه يعمل تماماًلمثل هذه الظروف.ربما سيضع يده خلف ظهره وهو سائراً ويردد
بيقين العارف كعادته."شفتوا كنت حاس
ربما
سيكون آخر من يغلق أبواب المسجد من خلفه
ربما
سيقطب حاجبيه ويتمتم في غضب وهدوء في ذات الوقت
كيف
لطالما عمل لمثل هذه الظروف؟
حسناً
كان دائماً مايسعى لصناعة وطن داخل وطن. يحاول توفير مستلزمات الحياة الضرورية حتى
ينعم بها آخر حفيد. هكذا اختار مجالات عمله "سوبرماركت ملاصقة للمنزل وفي يوم
ما كانت بباب خلفي يفتح للمنزل حتى تكون متاحة للتسوق حتى في منتصف الليل.
هكذا
هو الأمر.
ثم
قرار امتلاك محطة بنزين ملاصقة للسوبرماركت حتى يمكننا تحت أي ظرف طارئ العيش في
سكينة.
ثم
أضاف لأعماله قاعة أفراح.
تمر
هذه الأزمة وأنا أتذكر أزمة الخليج بصور ضبابية بينما استأجر فيلا كاملة جمع فيها
كل أقاربنا من الدرجة الأولى. قثم ملأ المستودعات من المخزون الغذائي كبقالة مصغرة
أكثر
ماعلق في ذهني هي فريزر آيس كريم فيه كل أنواع الآيس كريمات تحت تصرف جيش من
الأطفال بقيادتي.
ثم
تثبيت زجاج النوافذ بأكياس الزبالة السوداء ثم أخيراً توفير فوانيس تعمل بالقاز
ولازلنا نحتفظ بها حتى اللحظة.
لطالما
كان أبي متأهباً لظروف مثل هذه ليفرد فيها عضلات تجارب عصيبة عاشها.
كيف
يكون انسان خارق وابتدأ من تحت الصفر في ظروف لايمكن أن يخرج منها كائن حي مستقراً
عدا أن يخرج بإستقرار مادي وأسري يكفي حتى جيل عاشر من أحفاده.إلا أن يكون عظيما
تخيل
أن تكون عظيماً جداً ثم تعيش حياة عادية لاتستحق كل ماعانيته من تجارب وكل ماحصلت
عليه من دروس ومصاعب خلقت فيك عوالم
ثم
تلوح لك حياة بليدة وبدون تحديات تذكر. ولاتفرح بظروف قاسية تمكنك من فرد عضلاتك
المعرفية لمواجهة الصعاب.
هكذا
لطالما كان أبي رجل المهمات الصعبة.
ربما
نشأته كيتيم قاسى الجوع والخوف والحاجة ثم بنى وطناً مترامي الأطراف يتركه دائماً
في حاجة ملحّة للطمأنة وحماية عائلته من وجع مشابه
أتذكر
بحكم أني جئت متأخرة جداً. وقد استقرت الحياة بالكامل دون الوقوف شاهدة على ذلك
القلق. ملامح بسيطة من تعبه وشقائه ماتمنحه القصص المكررة وماتغفل عنه كذلك القصص
المكررة. دون أن أتمكن من الطبطبة عليه والشد على أكتافه.
لكن
لطالما تذكرت ابتسامته في كل مرة يسمع(ألم يجدك يتيماً فآوى)
فيشير
إلى صدره وكله رضا.
(ووجدك
ضالاً فهدى) وهو يقر بأنه لأربعين سنة لم تفته تكبيرة الإحرام.
(ووجدك
عائلاً فأغنى)وفي كل مرة يستشهد بقصة من جوعه وصبره ويتمه دون أن تنتهي قصصه أو تبلى.
وهو
يكرر"فلان يوم مات سعد يقول وش نفعته فلوسه فيه مايدري أن اخوي سعد كافل
أيتام وفاتح بيوت"
وبذلك
خلق سقف عالي جداً للتطلعات. عائلة كبيرة وأعمال ناجحة ورجل أعمال من الصفر ثم
زوجة ذكية ومساندة وأبناء أذكياء وشغوفين واستقرار مثالي. وتسبيح وذكر ودهاء وردود
قاصمة. ثم اعتداد بالنفس مع تواضع.
سقف
عالٍ انقشع كلياً بوفاته.
لذلك اختلت الموازين في عائلتي حتى وصلت حد
الهرمونات كزلزال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق