الأربعاء، 4 يناير 2023

في بيتنا قطة تشبهني.


    مثل طرف كم عالق تحت جاكيت ضيَّق، كما لو أنك دعست بقدمك أرض رطبة بعدما ارتديت لتوَّك جورباً دافئاً، كياقة قميص مبللة، أو ربما كقالب ثلج يضعه أحدهم من فتحة قميصك لتنساب بين أكتافك على غفلة، قالب الثلج الذي يترك ياقة قميصك مبللة.

صوت الأظافر على الحائط، اصطكاك أسنان ببعضها، فرقعة علك في قاعة اختبارك، صوت منبه في غرفة مجاورة بينما تغلبت أخيراً على أرقك وبعد ليلة طويلة من التعب. اتصال واتس أب.

اصطفاف رف من الكتب بشكل مثالي إلى أن يبرز طرف أحدهم دون اكتراث وبشكل مائل يمدَّ لسانه في وجهك، امتداد السجاد تماماً على مربعات الرخام اللامعة والمعقمة حالاً ولاتزال رطبة جراء المسح بينما ينحرف طرف السجاد مائلاً عن طرف الرخام، لينسكب كوب القهوة من يدك وأنت تحاول تعديل هذا الميلان البسيط ليستقيم.

مثل أكف شوكولا تختار شاشة تلفازك تطبع عليها قبل أن يحرز فريقك المفضل هدف الفوز. وأن يتحوَّل أحمر الشفاه الزاهي من ماركتك المفضلة لقلم تلوين.

هذا الصرير على الأسنان تماماً بينما في بيتنا قطة.

في بيتنا قطة تشبهني، جميلة جداً لكنها لا تعرف ذلك، ذكيّة لدرجة أنني لا يمكنني حبسها في صندوق الرحلات قبل الخروج، أحتاج في كل مرة أن أخلق حيلة جديدة، لديها سمع مرهف وتبدو لامعة جداً وهي تنصت محاولة فهم الأصوات من حولها وتمييزها، فضولها لمعرفة الحياة من حولها دون الاستغراق في هذا الفضول. يكفيها أن تفهم. رغم أنها قطة لكنها لا تموء أكثر مما تنبح. لديها إصابة بالغة ربما عضّة كلب في نحرها الطويل مما جعلها في خوف دائم وفي حدَّة. مرتابة على الدوام ولا تحب أن تمتد يدي إليها تمسَّدها قبل أن تطلب هي ذلك. لكنها لا تكف عن الدوران حولي ومسح وجهها في ساقي بينما ترفع ذيلها كناية عن الحب بمجرد أن أنتهي من معالجة جرحها أو أن أقدم لها الطعام.

ورغم ذلك قضيت اسبوعاً كاملاً في صرير أسنان من شعور على الدوام مزعج، أن ترتاح قطة على حجري وأنا أنهي كتاباً للقراءة وهي تراقب ذلك بتركيز شديد، ألا أتحرك إلا وكائن غضَّ وهشَّ وبإصابة بالغة في نحره يمر بين أقدامي مثل خطوات محفوظة، أن يترك شعراً عالقاً على ملابسي بعد أن نزعت ملابسي السابقة لنفس السبب، أن تنتهي من لعق أكفها ثم تسندها تماماً على ركبتي في رغبة ملحَّة لاحتضان، ورغم الفراش الوثير والدمى التي تنازلت عنها لتزيين سريرها فهي لا تنام إلا على كنبتي المفضلة. وكل كتاب بين يدي سيكون مصيره اللعق وعقبه البارز ستختاره لهرش جرح بالغ في نحرها تتم معالجته.

في بيتنا قطة، تترك بيني وبينها وأترك بيني وبينها مسافة آمنة من عضَّ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق