الثلاثاء، 24 يناير 2023

الفتاة التي تحولت إلى شجرة.


كنت أحاول تسلق شجرة هذا كل ما في الأمر، كنت أحاول وضع قدمي الأول على جذع متين من شجرة اللوز، فمن مبادئ التسلق من المهم أن تعرف أين تضع قدمك الأولى.

أتحسس جذع الشجرة المتين، الأشواك البارزة في كل مكان مثل إشارات واضحة للتراجع، بينما أتذكر شجرة التوت في فناء عمي، شجرة السدر وأنا أحاول الوصول لنقطة قريبة تمكنني من التقاط النبق البعيد والشهي، شجرة الجوافة في أحواض الزرع في منزلنا، كل الجواف الطازج واللذيذ الذي التقطته في طفولتي حتى تحوَّل قطف الجوافة في موسمها مثل طقس من طقوس يومي.

لكنني نسيت تماماً كم أصبحت هشَّة مؤخراً، أو كم أصبحت غضَّة ولينة للغاية، حتى أن الأشواك هذه المرة تكاد تصل للعظم، بينما ألعق جروح سببتها هذه الأشواك وأنا أتحوَّل لقطة. تعالج كل شعور لديها باللعق.

ألعق جرحاً حارقاً على ساعدي حتى يصل لكفي، وأنا غاضبة تماماً من قطة على أعلى جذع الشجرة تحاول هي الأخرى لعق كفها، بينما أمتلئ خوفاً من أن تعلق في الأعلى ولن يصل إليها أحد وبالتأكيد لن تحاول العودة لي.

أفكر في تسلق جذع شجرة اللوز ولكن هذه المرة تقفز الأنثى داخلي وكأني لا أرتدي سترة رياضية وساعة لاحتساب الخطوات بل فستان سواريه من الساتان اللامع وبحذاء عالي لخطو خطوات ضيَّقة وراقصة.

أحاول التسلق مرة أخرى وأنا هذه المرة أفكر في أظافري التي صبغتها مؤخراً وخوفي أن تتكسر، بينما تهديني الشجرة الغاضبة جروحاً أخرى على الكف الأيسر.

انفض أكفي الحارقة بينما يسري في دمي الكلوروفيل وكأنما سأخضَّر وأتحوَّل لشجرة. لا ترعبني فكرة العصافير التي ستحوم حول رأسي حتى لو كنت مصابة بالصداع، ولن تكدر خضرتي قطط تهرب من أصحابها وتلعق أطرافها بينما أعين خائفة تترقبها في الأسفل وتلعق جروحاُ سببتها لها، لن يؤذيني أكثر من أني سأقف على الدوام كشجرة منزوعة الحرية في التنقل أو أن يحجبون عني نور الشمس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق