الأربعاء، 4 أبريل 2018

أتخفف مني.

كنت أتخفف من البشر لوقت طويل، والآن بدأت أتخفف مني قطعة، قطعة.
هكذا تبدأ الفكرة، في التخلص من كل ماهو زائد عن الحاجة، عن العاطفة، عن الرغبة، عن الجسد.
أحاول الوصول بعد يوم مرهق بالكامل من كل اتجاه للمغطس، أتخفف في طريقي إليه من ملابسي، ولا أحمل فكرة مخيفة واحدة أو أدنى من ذلك عما إذا شاهدني أحدهم الآن.
أندس في حضن ماء فاتر مثل حلم، تلمس أطراف أقدامي أطرافه. وأمد يدي ناحية ريموت كونترول وأغلق على العالم.
أطفئ هذا الضجيج بالكامل بضغطة زر، بكل المشاعر المتخبطة والحادة والمستمرة، أطفئ القلق والخوف والخوف مرة أخرى والتوتر، أطفئ على كل الوجوه التي يملؤها الحماس لأنها تزعجني وتذكرني بانطفائي ورماديتي وهالتي الباهتة، وإطفئ عن كل من يملك روحاً قاتمة وأياماً قاحلة وإضطرابات وجدانية مثلي كذلك، فأنا في غني عن من يذكرني بي.
في حوض الإستحمام، بدون موسيقى هذه المرة، بعض الأصوات في الخارج تسترعي الانتباه، مثل سيارة على عجل من أمرها، رياح تفتعل شجاراً  مع الشجر، أبواب مسنّة تحاول الإستناد أكثر على الصرير، نوافذ مشغولة بالنميمة، كلاب تدرك خطورة الموقف وتخونها اللغة، قطط تتجاوز الأمر، أعمدة إنارة تتعلم التصفير، كل ذلك متاح للإستماع هذه المرة.
تتجاوز أمي طاقة الإنطفاء، تقرع الباب بقوة فأنكمش على نفسي مثل جريمة.
تحاول التخفيف من ذلك وهي تردد " لاعاد تخوفيني عليك .. خفت تفكرين تقتلين نفسك مثل فلانة يوم غرقت".
لايهم أخرج من حضن الماء، تجتاحني برودة تستفز منابت شعري، تنساب قطرة ماء حتى آخر ظهري، مثل آخر سكون. أسحب روب الاستحمام في كسل ترسم ملامحه بقايا الماسكرا أسفل عيني.
أبتسم في وجه أمي وأنا أردد "لعن الله الشرف _ لعن الله القبيلة _ لعن الله المزاج الحاد _ لعن الله التسلط _ لعن الله الشك _ ولعن الريبة _ لعن الله الصحراء من قبيلة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق