الأحد، 2 ديسمبر 2012

لون ذا الليلة رمادي ..

في قريتنا الصغيرة , كل شيء واضح للغاية وكل القاع على السطح ..
من بين العالم جئت هنا, حيث كل شيء صغير للغاية في نظري وضيق, حتى أهلي مجرد نقاط تقاطع في محور حياتي .
تعال لتعرف كيف أننا عائلة مملة للغاية وفاقدة للألوان, حياتها تطوف حول الرمادي والأسود.
بل خذني إليك وإلى قصصك المدهشة وحياتك المجنونة, أتوق لتجاربك التي لاتنتهي ومواقفك المضحكة .. كنت تتحدث عنها بضجر وأنا أتأملها برغبة في اللمس والتذوق.

كيف حياتك الآن؟
لاخير ولاشر .. هل هذه تعد إجابة . فهي كل الإجابات الممكنة في رأسي, تعرف أن حتى في خروجنا للتغير نختار نفس الأماكن التي نزورها بالعادة.
حتى في المطعم نبحث عن طاولتنا المعتادة .

أتعلم ..
أشعر بغصة بسنوات عمري الفائتة, كيف يسقط الشباب دون رغبة أو جنون , كيف تمضي سنوات في حقل صارم وفي حدود ضيقة, في إطار واحد وخط مستقيم .
وهذا لايهم .
الكارثة أن تشرف على الثلاثين ولم تكتسب من عمرك غير التيه أكثر من قبل والضياع, لتدرك فجأة أن تنشئتك هي السبب في دموعك الآن وفي حزنك وفي وحدتك .لو كانت أكثر هدوءا وأكثر رحمة لسارت الحياة لما هو مقدر لها, للنصيب المكتوب دون أن تعاند وتبكي وتلطم وتصرخ وتحاول الخروج من دائرتهم الضيقة لنقطتها المتكومة على نفسها .. لايمكن إلا أن تصاب بالجنون في نهاية المطاف وتصبح بليدة وحضورها قاتم وكلامها كله أصفر مخادع وبلا نكهة وله رائحة العفن .

تعال ..
أسقط في بئر ليس لها قرار ..
وقلبها الطيب والذي تعرفه لايزال طيب لكنه مصاب بالإكتئاب, وجسدها مصاب بالحمى والأرق ..
عقلها لايتوقف عن التفكير والدوران, فليست هناك نقطة أمان واحدة تتكئ عليها وتلتقط أنفاسها, الركض يحث الركض الذي بعده والسرعة تزداد, لو كانت رجلاً فقط لكانت تضحك على هذه الأحاديث الآن مثلك وتحيك النكات .

القديسة ..
ملاكك, دنستها الشياطين والأفكار في رأسها من شرر, ضاعت تماماً منذ آخر لقاء وحتى آخر حديث ومنذ آخر كلمة ..
تاهت بالمعنى الحقيقي للتيه, تسير في الأرض فقط لتصل لنهايتها, لم يعد هناك مايدهشها إلا قدرتها على الحزن والبكاء .

مؤخراً كنت أسأل أمي ..
هل هذا الإكتئاب وراثة عنها أم هو صناعة يدها .
غير أني في كلا الحالتين لن أسامح .
فقبل خمسة عشر سنة لم أكن كذلك, وكنت أعرف متى يتوجب علي قول لا, لكنها مؤخراً أزيلت من قاموسي لتتحول لا بصوت عالي إلى هزة خفيفة برأسي وعيون تبحث في الأرض عن قرار .

تدهشني الساعة, وأفكر في موعدنا , هل يأتي .. هل يمكن ,, وماذا بعد ..
أشك في حال الرجوع بتذكر الفرح .
لقد نسيته تماماً ..
وكل أحاديثي تحولت لسامًة, ليتك تشاهدهم وهم يحولون رؤوسهم في بداية الحديث للجهة المقابلة لتدرك كم هو الوضع حرج.

ها أنذا ..
تهويمة .
أقف في طريقي لطريقي ..
أنتظر إهتمامك وحديثك ورغبتنا في الحياة معاً ..
عذراً هل لازالت رغبتنا أم أضحت رغبتي وحدي .

صديقي ..
أحتاجك وجداً ..
فهذه المرة فشلت في الإنتحار ..
وأعرف أن انتحاري سيوجعك ..
صديقي ..
ماذا بعد ..
الزجاجة التي ولدت داخلها أصبحتْ الآن داخلي ..
وداخلها عجوز ..
تخاف
تخاف كثيراً من الزمن .
صديقي ..
كما جرت عادتي ..
الولوج للحديث عني دون أن أتأكد هل أنت فعلاً على الطرف الآخر .
صديقي ..
في أمان الله .


.
.

"ألو ..
آسفة, غلطانه "

هناك 3 تعليقات:

  1. كلما ازددنا عمراً كلما ازددنا تيهاً .. لامخرج من هذا التيه ولا ملجأ من هذا الخوف.

    قدرنا اننا وجدنا ولم يكن لدينا الخيار.. فهو اما الانتقام واما الاكتشاف .. لاشيء اخر

    اتمنى السلام للجميع

    ردحذف
    الردود
    1. في الحزن يكون الدافع الانتقام وفي الفرح يكون الحب..
      والحزانى فقط من يبقون في منتصف الخطوات فلاتأخذهم أقدامهم للوصول ..
      شكراً لحضورك وسعيدة برأيك .

      حذف
  2. الزجاجة التي ولدت داخلها أصبحتْ الآن داخلي ..
    وداخلها عجوز ..
    تخاف
    تخاف كثيراً من الزمن .


    آآآآه

    ردحذف